الخلود الرقمي: هل يجعله الذكاء الاصطناعي قريباً؟

بقلم:   د. حسام حمدان           |  Sept. 17, 2023

الخلود الرقمي

منذ بداية البشرية والإنسان يسعى إلى الخلود؛ فقد حاول الفراعنة تخليد أجسادهم بتحنيطها حتى يعودون إليها مرة ثانية. لم تجري الأمور كما اشتهى الفراعنة ولم يعد أحد منهم إلى مومياءه. لكن آمالهم وأحلامهم مازالت تراود الكثير من الناس وهذا مايفسر السعي الحثيث وراء إطالة العمر ومحاربة الشيخوخة.

العالم الرقمي فتح الباب أمام تصور آخر للخلود البشري وهو الخلود الرقمي. فلم نعد نحتاج هذا الجسد الفاني وكل مايحتاجه الخلود الرقمي هو تخزين الوعي. يتصور الكثيرون أن عقل الإنسان مثل الكمبيوتر يتألف من جزء مادي وجزء برمجي. فالدماغ البشري هو الجزء المادي فهو كالوعاء الحاوي للعقل أو الوعي الذي بدوره يعمل كالبرمجية التي تمنحنا القدرة على التفكير.

إذاً طالما أن الدماغ مثل الكمبيوتر فما المانع من نسخ محتوى الدماغ (العقل) وتخزينه؟ ويمكن بعدها أن نبني له جسد آخر على شكل روبوت فيصبح الإنسان بعقله وتفكيره في جسد جديد ونضمن له الخلود الرقمي. فكلما شاخت الأجهزة الرقمية استبدلناها بأخرى ونقلنا العقل الرقمي إليها؛ وكلما تعب الهيكل الروبوتي استبدلناه بآخر يواكب آخر التطورات التكنولوجية مثل هواتف الأيفون.

قد يعتقد البعض أن هذا سيناربو مناسب لأفلام الخيال العلمي وبالفعل ففي فيلم "الترقي " Transcendence الصادر عام 2014 يقوم البطل الذي يلعب دوره جوني ديب باستنتساخ عقله قبل موته ليبقى موجود بوعيه بعد موته. لكن هناك الكثير من العلماء وقادة الرأي والمليارديرات يؤمنون بذلك ويمولون مشاريع لتحقيق ذلك. فهل هم مخطئون؟

لا أحد يستطيع الجزم أنهم على خطأ أو على صواب هي مجرد رؤيا مستقبلية وتصور ممكن أن يكون صحيح. لكن لتحقيق هذا الأمر يتطلب أن نفهم كيف يعمل العقل البشري وكيف يخزن المعلومات وآلية معالجتها وكيف يمكن أن ننسخ هذه المعلومات وآلية التفكير إلى الآلات.

هل يساعد الذكاء الاصطناعي في ذلك؟

ظهرت عدة أبحاث في السنتين الآخيرتين تمكن فيها الذكاء الاصطناعي من معرفة ما يفكر به الشخص الخاضع للتجربة؛ فقد تمكن مثلاً من معرفة الصور التي يراها أو تحويل ما يفكر به إلى كلمات؛ وكانت نسبة النجاح مقبولة لكنها يجب أن تكون في ظل شروط محددة. ورغم أهمية هذه الأبحاث إلا أنها في الواقع لم تقربنا من فهم العقل البشري بل استطعنا فقط أن نتقدم في قدرتنا على مراقبته واستنتاج مايمكن للإشارات التي تصدر عنه أن تعني.

و رغم كل الجهود والأبحاث لم نتمكن حتى الآن من معرفة أي شيء دقيق عن العقل البشري يمكن أن يساعد في نسخ العقل؛ لكن البحث مستمر طالما أن الأمل والرغبة في الخلود لن تفارق الكثير من البشر.

يمكن قراءة المقال باللغة الانكليزية من هنا



مشاركة