البرمجة المزاجية (Vibe Coding): هل يفيد الذكاء الاصطناعي في بناء برمجيات كاملة؟

بقلم:   تامر كرم           |  April 28, 2025

vibe

البرمجة المزاجية (Vibe Coding) هي عبارة عن طريقة جديدة في كتابة الأكواد البرمجية، لا يكتب المبرمج الأكواد بنفسه بشكل مباشر، بل يوكل هذه المهمة للذكاء الاصطناعي. يتحول دور المبرمج هنا ليصبح أشبه بالموجه، حيث يحدد ما يرغب في إنجازه ويطلب ذلك من الذكاء الاصطناعي باستخدام اللغة الطبيعية، سواء كتابةً أو صوتياً.

ويشير الاسم، سواء أطلقنا عليه "البرمجة بالمزاج" أو "البرمجة بالشعور"، إلى جوهره الأساسي: لم يعد التركيز ينصب على التفاصيل التقنية الدقيقة لكتابة الكود، بل على الغاية المرجوة والشعور الذي يولده البرنامج عند تنفيذه، والذي يقدمه الذكاء الاصطناعي كنتيجة للأوامر المعطاة له. إنه تحول جذري في التركيز من آلية عمل الكود وكيفية بنائه إلى النتيجة النهائية ومدى توافقها مع ما نسعى لتحقيقه.

لتطبيق البرمجة المزاجية، يمكن الاستعانة بأي نموذج لغة كبير (مثل جيميناي أو نماذج ChatGPT) قادر على إنشاء شيفرة برمجية انطلاقاً من وصف باللغة الطبيعية. يقوم المبرمج ببساطة بصياغة أفكاره، نواياه، والوظائف المطلوبة بلغة سهلة وواضحة. يقوم الذكاء الاصطناعي بعد ذلك بتفسير هذه المدخلات وينتج الشيفرة البرمجية المناسبة. غالباً ما تكون هذه العملية تكرارية؛ حيث يقوم المبرمج بتجربة الكود الناتج، وفي حال عدم مطابقته لتوقعاته، يطلب إجراء التعديلات اللازمة من الذكاء الاصطناعي حتى يصل إلى مبتغاه.

ساهم في الترويج لهذا المصطلح شخصيات بارزة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل أندريه كارباثي، الذي قدم دروساً حول هذا المنهج.

أداة مفيدة أم مجرد متعة؟

لا شك أن البرمجة المزاجية تحمل في طياتها فائدة كبيرة في سياق تطوير البرمجيات. فهي، على الأقل، تعد أداة قيمة للمبرمجين المبتدئين لمساعدتهم على دخول المجال واكتساب الخبرة من خلال التجربة العملية. كما أنها تفتح الباب لغير المتخصصين في البرمجة لإنشاء نماذج أولية لتطبيقاتهم تعكس أفكارهم، مما يتيح لهم عرضها وتطويرها بشكل أسرع وأكثر إلهاماً.

بالإضافة إلى ذلك، تعزز البرمجة المزاجية الإنتاجية لدى المبرمجين ذوي الخبرة. فبإمكانها أتمتة كتابة الأكواد للمهام المتكررة بسهولة وفعالية، مما يغني المبرمج عن البحث عنها أو الاعتماد على مكتبات برمجية جاهزة قد لا تلبي احتياجاته تماماً. هذا التوفير في الوقت والجهد يتيح للمبرمجين التركيز بشكل أكبر على الجوانب الإبداعية والتصميمية في عملهم، مما يسرّع عملية التطوير بشكل عام.

في المقابل، قد لا يكون بناء تطبيق عملي كامل يعتمد بشكل كلي على البرمجة المزاجية الخيار الأمثل. فعند ظهور أي خلل، ولو كان بسيطاً، في تنفيذ متطلبات المبرمج، سيحتاج إلى التدخل وقراءة الكود الذي أنتجه الذكاء الاصطناعي ومحاولة فهمه. قد يكون هذا الأمر معقداً للغاية ويستغرق وقتاً طويلاً، مما يجعل عملية صيانة الكود وتعديله مكلفة وصعبة.

كما أن أي مشكلات تتعلق بأداء التطبيق أو ظهور ثغرات أمنية قد يكون حلها أكثر تعقيداً في غياب الفهم الكامل لتفاصيل الأكواد المكتوبة.

لذا، يمكن القول إن البرمجة المزاجية يمكن أن تكون طريقة سريعة لتشغيل شيء ما بشكل مبدئي، إلا أن بناء تطبيقات قوية، قابلة للتطوير على المدى الطويل، وتتمتع بمستوى عالٍ من الأمان غالباً ما يتطلب خبرة متينة في البرمجة التقليدية وأساليبها. كما أن التعامل مع التعقيد المتأصل في بناء أنظمة متكاملة تتطلب خوارزميات دقيقة ومنطقاً برمجياً معقداً لا يزال يشكل تحدياً لقدرة الذكاء الاصطناعي على كتابة الكود بكفاءة ودقة.



مشاركة