ما الفرق بين النفط الفنزويلي والأمريكي؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Dec. 16, 2025

us-ven-oil

معظم النفط الأمريكي هو نفط صخري، يُستخرج من الأحواض الصخرية، ويتميز بكونه خاماً خفيفاً وحلواً. يقصد بالخفيف أن كثافته منخفضة ودرجة انسيابيته عالية جداً، مما يجعله سهل التدفق في الأنابيب دون مساعدة خارجية. أما مصطلح "حلو" فيشير إلى انخفاض نسبة الكبريت فيه (أقل من 0.5%)، مما يجعله أنظف بيئياً وأسهل في عملية التحويل إلى وقود مثل البنزين.

بينما يُصنف النفط الفنزويلي، الذي يتركز معظمه في حزام أورينوكو، على أنه خام ثقيل جداً وحامض. تتسم هذه النوعية بكثافة عالية جداً ولزوجة مرتفعة تجعل النفط في حالته الطبيعية شبه صلب ويقاوم التدفق، مما يعيق حركته داخل أنابيب النقل. ويوصف بأنه "حامض" لاحتوائه على نسب مرتفعة من الكبريت والشوائب المعدنية الثقيلة، مما يجعله أقل جودة من الناحية الكيميائية قبل المعالجة.

تكلفة الاستخراج والإنتاج الأولي

في الولايات المتحدة، يعتمد الإنتاج الصخري على تقنية التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي، وهي عملية تتطلب استثمارات رأسمالية مستمرة لحفر آبار جديدة للحفاظ على معدلات الإنتاج. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا ساهمت في خفض التكاليف، إلا أن "سعر التعادل" للنفط الأمريكي يظل مرتبطاً بتكاليف التشغيل والحفر المرتفعة نسبياً، حيث يتطلب استخلاص النفط من الصخور جهداً ميكانيكياً وتقنياً كبيراً؛ إذ تتراوح تكلفة الاستخراج المباشر بين 10 إلى 15 دولاراً للبرميل، بينما يرتفع السعر الإجمالي للتعادل (شاملاً الضرائب وحفر الآبار الجديدة) ليتراوح بين 45 و55 دولاراً للبرميل.

أما في فنزويلا، فإن تكلفة الاستخراج المباشر للنفط من باطن الأرض قد تكون منخفضة نظرياً (تقدر بنحو 8 إلى 12 دولاراً للبرميل فقط)؛ نظراً لوجود المخزونات بكميات هائلة وقريبة نسبياً من السطح في حقول ضخمة ومفتوحة.

جيولوجياً، الوصول إلى النفط الفنزويلي ليس بالأمر المعقد مقارنة بتفتيت الصخور في أمريكا، لكن التكلفة الحقيقية في الحالة الفنزويلية لا تكمن في الحفر، بل فيما يحدث بعد خروج النفط من البئر.

العبء المالي الأكبر

تكمن المشكلة الأكبر للنفط الفنزويلي في مرحلة ما بعد الاستخراج. نظراً للكثافة واللزوجة العالية، لا يمكن ضخ هذا النفط ونقله للموانئ للتصدير بشكله الخام؛ إذ يتطلب خلطه بمواد مخففة (مثل النافثا أو النفط الخفيف المستورد) فور استخراجه وقبل ضخه في خطوط النقل لتقليل لزوجته وجعله قابلاً للجريان في الأنابيب.

هذه العملية تضيف تكلفة إضافية كبيرة ومستمرة لكل برميل، حيث يتحتم على فنزويلا شراء واستيراد هذه المواد المخففة لكي تتمكن من تصدير نفطها، مما يرفع التكلفة الإجمالية الفعلية لإنتاج وتجهيز البرميل الواحد إلى ما يقارب 25 إلى 30 دولاراً أو أكثر.

علاوة على ذلك، يتطلب النفط الفنزويلي "الحامض" مصافي تكرير خاصة ومعقدة للغاية قادرة على تكسير الجزيئات الثقيلة وإزالة الكبريت والمعادن للوصول إلى المشتقات النهائية الصالحة للاستخدام. في حين أن النفط الأمريكي الخفيف يمكن تكريره في مصافٍ أبسط وأقل تكلفة تشغيلية للحصول على البنزين والديزل عالي الجودة، مما يجعل هامش الربح من تكرير النفط الخفيف أعلى للمصافي البسيطة، بينما يتطلب النفط الثقيل استثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية للمصافي.

تأثير العقوبات وتدهور البنية التحتية

تفاقمت تكلفة وتحديات إنتاج النفط الفنزويلي في السنوات الأخيرة بسبب العقوبات الاقتصادية التي حدّت من قدرة فنزويلا على استيراد "المخففات" اللازمة لخلط نفطها الثقيل، مما أجبرها على البحث عن بدائل مكلفة أو تقليص الإنتاج.

كما أن المصافي ومعامل المعالجة المعقدة التي يتطلبها هذا النوع من النفط تحتاج إلى صيانة دورية دقيقة وقطع غيار متطورة، وهو ما أصبح صعب المنال، مما أدى لرفع التكلفة التشغيلية الفعلية وجعل الجدوى الاقتصادية للبرميل الفنزويلي مرهونة بأسعار سوق عالمية مرتفعة لتغطية هذه الأعباء اللوجستية والتشغيلية، على عكس النفط الأمريكي الذي يتمتع بسلسلة توريد محلية ومستقرة.



مشاركة