لماذا لا تُسقِط روسيا أقمار إيلون ماسك "ستارلينك"، رغم امتلاكها التقنية؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Dec. 15, 2025

sat-down

تعتمد القوات الأوكرانية في عملياتها العسكرية بشكل مكثف على شبكة أقمار ستارلينك التي يملكها إيلون ماسك، والتي تُستخدم لتوجيه الطائرات والزوارق المسيرة وربط الوحدات القتالية ببعضها في ساحة المعركة، مما يمنح كييف ميزة استراتيجية في القيادة والسيطرة.

وتمتلك روسيا القدرة التقنية والعسكرية لتدمير الأقمار الصناعية، وقد أثبتت ذلك عملياً في نوفمبر 2021 عندما أجرت تجربة ناجحة بصاروخ نودول، دمرت خلالها أحد أقمارها القديمة كوزموس 1408.

ورغم ذلك، تمتنع موسكو حتى الآن عن استخدام الخيار الصاروخي لإسقاط أقمار ماسك، مفضلة الحرب الإلكترونية أو الهجمات السيبرانية ومحاولات التشويش بدلاً من التدمير المادي المباشر.

يعود السبب الرئيسي لهذا الإحجام الروسي إلى طبيعة تصميم شبكة ستارلينك نفسها، التي تختلف جذرياً عن الأقمار التقليدية الضخمة؛ فهي تعتمد على سرب مكون من آلاف الأقمار الصغيرة (أكثر من 7000 قمر)، مما يجعل استراتيجية الإسقاط الصاروخي غير مجدية عسكرياً وغير فعالة اقتصادياً.

فصاروخ الاعتراض الواحد يكلف ملايين الدولارات، بينما يعتبر قمر ستارلينك زهيد الثمن وسهل التعويض، وسرعة إطلاق ماسك للأقمار تفوق بمراحل قدرة روسيا على إنتاج وإطلاق الصواريخ المضادة، ما يعني أن استنزاف الترسانة الروسية لإسقاط بضعة أقمار لن يعطل الشبكة التي ستعوض الفاقد فوراً.

يضاف إلى ذلك أن الشركة أمريكية، وقد لا تود روسيا توسيع دائرة الصراع باستهداف الولايات المتحدة، كما أن تدمير عدد كبير من الأقمار سيخلق سحابة هائلة من الحطام الفضائي التي قد تدمر الأقمار الروسية نفسها ومحطة الفضاء الدولية، مما يجعل المدار غير صالح للاستخدام لأي طرف.

لكن هذا لا يعني أن الوضع سيستمر هكذا إذا تطورت الحرب؛ إذ تشير التقارير الاستخباراتية إلى أن روسيا تعمل على تطوير أسلحة نووية فضائية أو أسلحة نبضات كهرومغناطيسية. هذه الأسلحة المستقبلية لا تهدف لاستهداف قمر واحد، بل لتوليد موجة طاقة قادرة على حرق الإلكترونيات في عناقيد كاملة من الأقمار دفعة واحدة، بما فيها الأقمار الصديقة.

وبالتالي، يبدو أن التركيز الروسي الحالي منصبٌ على تطوير أنظمة التشويش المتقدمة ومحاولة التفوق في الحرب الإلكترونية، كبديل نظيف وأقل تكلفة من الانجرار نحو حرب فضائية مدمرة للجميع، بما في ذلك بنيتها التحتية الفضائية الخاصة.



مشاركة