تُعد الطاقة النووية من المصادر الفعالة والمستقرة لتوليد الكهرباء. فكمية صغيرة من الوقود النووي، مثل اليورانيوم، يمكن أن تولّد كميات هائلة من الطاقة مقارنةً بالوقود الأحفوري كالفحم أو الغاز الطبيعي. تتميز الطاقة النووية أيضاً بانبعاثات كربونية منخفضة جداً، وتوفر إمداداً ثابتاً ومنتظماً للطاقة لا يتأثر بالعوامل الجوية، على عكس الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.
آلية توليد الكهرباء في المفاعل
في قلب المفاعل النووي، تحدث عملية الانشطار النووي، التي تُنتج كمية كبيرة جداً من الحرارة. تُمتص هذه الحرارة بواسطة مادة مبرّدة تدور حول قلب المفاعل. يمكن أن تكون هذه المادة ماءً مضغوطاً، أو صوديوم سائل، أو غاز (مثل الهيليوم). ينقل المبرد الحرارة من قلب المفاعل إلى مناطق أخرى دون نقل الإشعاع.
تُستخدم الحرارة المنقولة بواسطة المبرد لتسخين الماء في دائرة منفصلة. يتحول هذا الماء إلى بخار عالي الضغط والحرارة، والذي يُوجّه مباشرة إلى التوربين. يقوم البخار بتدوير شفرات التوربين بسرعة فائقة بسبب قوة ضغطه العالية.
يكون التوربين موصولاً بمولد كهربائي. عند دوران التوربين، يدور معه ملف نحاسي داخل مجال مغناطيسي داخل المولد. ووفقاً لقانون فاراداي في الحث الكهرومغناطيسي، فإن حركة الملف داخل المجال المغناطيسي يولّد تياراً كهربائياً في الأسلاك. بهذا الشكل، يتم تحويل الطاقة الحرارية الناتجة عن التفاعل النووي إلى طاقة ميكانيكية (دوران التوربين)، ثم إلى طاقة كهربائية تُرسل إلى الشبكة الكهربائية لتوزيعها على المنازل والمصانع والمرافق العامة.
عملية الانشطار النووي والتحكم بها
داخل المفاعل النووي، توجد قضبان الوقود النووي المصنوعة غالباً من اليورانيوم-235 أو البلوتونيوم-239. عندما تصطدم هذه الذرات بنيوترونات حرة، تنشطر نواتها إلى نوى أصغر، وتطلق كمية هائلة من الطاقة الحرارية ونيوترونات جديدة تُسهم في استمرار تفاعل السلسلة.
تكون الطاقة الحرارية الناتجة كبيرة جداً لأن جزءًا من كتلة نوى الذرات يتحول إلى طاقة، طبقاً لمعادلة أينشتاين الشهيرة E=mc2. للتحكم في هذا التفاعل ومنع تسارعه بشكل غير آمن، تُستخدم قضبان التحكم المصنوعة غالباً من مواد مثل الكادميوم أو البورون. تُدخل هذه القضبان في قلب المفاعل لامتصاص بعض النيوترونات الزائدة، مما يُقلل من عدد الانشطارات ويحافظ على استقرار المفاعل ضمن درجات حرارة آمنة.
وهكذا فالمفاعل النووي منشأة متقدمة جداً تجري داخلها عمليات دقيقة ومعقدة لتحويل الطاقة الكامنة في نوى الذرات إلى كهرباء تُنير المدن وتُشغّل المصانع. ورغم الحاجة إلى تقنيات عالية ومعايير أمان صارمة، تبقى الطاقة النووية خياراً واعداً لمستقبل أكثر استدامة، شريطة إدارتها بمسؤولية ومعالجة النفايات النووية الناتجة بكفاءة وحرص.