مطار اليابان العائم الذي كلف المليارات.. هبط 12 متراً، فمتى يغرق؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Nov. 17, 2025

KANSAI

يُعد مطار كانساي الدولي في اليابان واحداً من أعظم الإنجازات الهندسية في القرن العشرين، إذ بُني على جزيرة اصطناعية وسط خليج أوساكا ليكون أول مطار على جزيرة اصطناعية بالكامل في العالم.

بلغت تكلفة إنشائه أكثر من 20 مليار دولار، وهو مشروع ضخم صُمم ليقاوم الزلازل والأعاصير وارتفاع مستوى البحر، وليحل مشكلة ازدحام المطارات في مدينة أوساكا. افتُتح المطار عام 1994، ومنذ ذلك الحين أصبح مركزاً رئيسياً للرحلات الدولية والشحن الجوي، حيث يخدم اليوم ما يقارب 26 مليون مسافر سنوياً ويستقبل نحو 170 ألف حركة طيران بين إقلاع وهبوط.

المطار يمتد على مساحة تقارب خمسة كيلومترات طولاً وعرضه يزيد عن كيلومتر، مع مدرجين رئيسيين أحدهما بطول 3,500 متر والآخر بطول 4,000 متر، مما يجعله قادراً على استقبال الطائرات العملاقة مثل طائرات الشحن بعيدة المدى.

بُني المطار على جزيرة اصطناعية وكان الهبوط التدريجي لها بسبب طبيعة التربة الطينية الرخوة في قاع الخليج أمراً متوقعاً، لكن لم يكن متوقعاً أن يكون بهذه الدرجة. إذ هبطت قبل الافتتاح بحوالي 8 أمتار ثم استمر الهبوط بمعدل سريع في السنوات الأولى وصل إلى نصف متر سنوياً، ثم بدأ يتباطأ تدريجياً ليصل في العقدين الأخيرين إلى بضعة سنتيمترات في السنة. حتى الآن، هبطت الجزيرة بأكثر من 12 متراً مقارنة بمستواها الأصلي، وهو ما يثير مخاوف من أن أجزاء منها قد تصبح تحت مستوى البحر بحلول 2056، خاصة مع تأثير تغيّر المناخ وارتفاع مستويات المحيطات.

الأسباب الرئيسية وراء هذا الهبوط بين المتوقع والواقع تعود إلى طبيعة التربة الطينية المشبعة بالماء، والوزن الهائل للجزيرة الصناعية التي بُنيت من ملايين الأطنان من الصخور والتربة، إضافة إلى أن عملية البناء لم تمنح التربة الوقت الكافي لتتماسك قبل تحميلها بهذا الوزن.

ومع ذلك، لم يقف اليابانيون مكتوفي الأيدي؛ فقد استثمروا مئات الملايين من الدولارات في تعزيز الجدران البحرية المحيطة بالمطار، واستخدموا أنظمة هيدروليكية لرفع الأساسات بشكل دوري، وهي حلول مكلفة ومعقدة لكنها ضرورية للحفاظ على استمرارية عمل المطار.

رغم هذه التحديات، يظل مطار كانساي أحد أكثر المطارات كفاءة في العالم، واليوم يُخطط للتوسع لزيادة قدرته الاستيعابية إلى 40 مليون مسافر سنوياً، ما يعكس الثقة في استمراريته رغم المخاطر.

التوقعات المستقبلية تشير إلى أن المطار سيظل قابلًا للتشغيل لعقود قادمة بفضل أعمال الصيانة والتحسين المستمرة، لكن التحدي الأكبر يبقى في مواجهة ارتفاع مستوى البحر وتزايد قوة العواصف المدارية.



مشاركة