لماذا تسعى الشركات لدمج المحركات الكهربائية في عجلات السيارات؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Dec. 14, 2025

inwheelsmotors

تخوض كبرى شركات صناعة السيارات، وفي مقدمتها جيلي وهيونداي و لوردستاون و ريفيان وحتى "بي واي دي"، سباقاً هندسياً محموماً لتحقيق حلم السيارات الكهربائية المتمثل في دمج المحركات مباشرة داخل العجلات (In-Wheel Motors).

يهدف هذا التوجه الجريء إلى تحويل المركبة من مجرد آلة ميكانيكية مقيدة بمحاور نقل الحركة، إلى "روبوت ذكي" مرن الحركة، مما يفتح آفاقاً جديدة في التصميم والأداء لم تكن ممكنة في عصر محركات الاحتراق الداخلي أو حتى السيارات الكهربائية التقليدية، وذلك لتحقيق جملة من الأهداف والمكاسب التقنية:

  • حرية مناورة وحل أزمة المواقف: تمنح هذه التقنية كل عجلة استقلالية تامة في الحركة، مما يمكن السيارة من تنفيذ حركات مستحيلة سابقاً، مثل (التحرك الجانبي المباشر) لركن السيارة في أضيق المساحات بسهولة تامة، أو "الدوران في المكان" (Tank Turn) للالتفاف في الشوارع الضيقة دون الحاجة للمناورة ذهاباً وإياباً.
  • ثورة في المساحة الداخلية والتصميم: بنقل المحركات، وناقل الحركة، والتروس التفاضلية من وسط هيكل السيارة إلى داخل العجلات، يتم تفريغ السيارة تماماً من المكونات الميكانيكية الضخمة. هذا يمنح المصممين أرضية مسطحة بالكامل تتيح تركيب بطاريات أكبر لزيادة المدى، أو توسيع مقصورة الركاب بشكل كبير، وتوفير مساحات تخزين إضافية مثل الصندوق الأمامي.
  • كفاءة طاقة أعلى ومدى أطول: تعاني السيارات التقليدية من هدر في الطاقة يتراوح بين 10% إلى 15% نتيجة الاحتكاك في أعمدة التوصيل والتروس قبل وصول القوة للإطارات. في المقابل، يضمن الدمج انتقال الطاقة من البطارية إلى العجلة مباشرة دون وسطاء، مما يرفع الكفاءة ويطيل المسافة المقطوعة بالشحنة الواحدة.
  • تحكم دقيق بالثبات والأمان: يتيح النظام ما يعرف بـ "توجيه عزم الدوران" (Torque Vectoring) بدقة فائقة؛ حيث يمكن للكمبيوتر التحكم في سرعة وقوة كل عجلة بشكل منفصل في أجزاء من الثانية. فإذا انزلقت عجلة على زيت أو جليد، يتم إيقافها فوراً وتعويض القوة في العجلات الأخرى، مما يمنح ثباتاً لا يضاهى.
  • بساطة التصنيع ومنصات "لوح التزلج": يمهد هذا الابتكار الطريق لمنصات تصنيع معيارية تشبه "لوح التزلج" (Skateboard Platform)، وهي عبارة عن قاعدة تحتوي على البطارية والعجلات الذكية فقط، ويمكن تركيب أي جسم عليها بسهولة (سواء كان سيارة سيدان، أو حافلة نقل، أو سيارة رياضية)، مما يقلل تكاليف التطوير المستقبلي بشكل كبير.

ورغم هذه المكاسب الهائلة، لا يزال الطريق نحو الإنتاج التجاري الواسع محفوفاً بتحديات هندسية معقدة تؤخر الانتشار.

والعقبة الأبرز هي زيادة "الوزن غير المعلق" (Unsprung Weight)؛ حيث يصبح الإطار ثقيلاً جداً لوجود المحرك بداخله، مما يرهق نظام التعليق ويجعل امتصاص صدمات الطريق أصعب، مؤثراً سلباً على راحة الركاب.

بالإضافة إلى ذلك، يواجه المهندسون تحدي المتانة، حيث يصبح المحرك موجوداً في أخطر مكان بالسيارة، معرضاً للاهتزازات العنيفة المباشرة، والمياه، والأتربة، وحرارة المكابح، مما يتطلب تقنيات عزل وتبريد متطورة ومكلفة لضمان عمله لسنوات طويلة دون أعطال.



مشاركة