أعلن الرئيس دونالد ترامب في مايو/أيار 2025 عن مشروع "القبة الذهبية"، وهو نظام دفاعي متعدد الطبقات ينتشر في الأرض والبحر والفضاء، ويهدف إلى حماية الولايات المتحدة من التهديدات الصاروخية المتقدمة، بما في ذلك الصواريخ الفرط صوتية، والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وصواريخ كروز.
القبة الذهبية وإن تشابهت بالاسم مع القبة الحديدية الإسرائيلية، إلا أنها تمثل نقلة نوعية في الدفاع الصاروخي، إذ تعتمد على شبكة من الأقمار الصناعية المزودة بمستشعرات متطورة قادرة على اكتشاف التهديدات في مراحلها المبكرة، وتوجيه صواريخ اعتراضية أرضية وبحرية وفضائية لاعتراضها قبل وصولها إلى أهدافها. وقد وصف ترامب المشروع بأنه "الأكثر تطوراً في تاريخ الدفاع الأميركي"، مؤكداً أن النظام سيكون قادراً على التصدي لأي صاروخ "حتى لو أُطلق من الجانب الآخر من العالم أو من الفضاء".
من الناحية التقنية، تعتمد القبة الذهبية على ما يُعرف بـ"الاعتراض في مرحلة الدفع"، أي استهداف الصواريخ المعادية فور إطلاقها، وهي مرحلة تُعد الأكثر حساسية والأصعب من حيث التوقيت والدقة. لتحقيق ذلك، يجري تطوير صواريخ اعتراضية فضائية قادرة على المناورة بسرعة فائقة، إلى جانب أنظمة تتبع تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وشبكات اتصالات فائقة السرعة بين الأقمار الصناعية ومراكز القيادة الأرضية.
وقد كُلف الجنرال مايكل غيتلاين بقيادة المشروع، وهو نائب رئيس العمليات في قوة الفضاء الأميركية، ويعمل حالياً على تشكيل فريق من الخبراء من مختلف القطاعات الصناعية والأكاديمية لتسريع تطوير النظام. ويُتوقع أن تبدأ أولى مراحل التشغيل بحلول عام 2028، رغم أن العديد من الخبراء يشككون في إمكانية تحقيق ذلك ضمن الجدول الزمني المحدد، نظراً لتعقيد المشروع وتكلفته الباهظة التي قد تتجاوز 500 مليار دولار، رغم أن ترامب قدرها بحوالي 175 مليار فقط.
لم يمر المشروع دون انتقادات دولية، إذ اعتبرت الصين وروسيا أن القبة الذهبية تمثل تهديداً مباشراً للاستقرار العالمي، وتنتهك مبدأ الاستخدام السلمي للفضاء المنصوص عليه في معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967. وحذرتا من أن نشر أسلحة في المدار قد يؤدي إلى عسكرة الفضاء وسباق تسلح جديد، خاصة أن النظام الأميركي يتضمن صواريخ اعتراضية فضائية يمكن استخدامها لأغراض هجومية أيضاً.
وهكذا فالقبة الذهبية ليست مجرد مشروع دفاعي، بل هي إعلان عن دخول الولايات المتحدة عصر جديد من الأمن القومي، حيث لم يعد الفضاء مجرد مجال للاستكشاف العلمي، بل ساحة محتملة للصراع العسكري.