ما الفرق بين الاندماج النووي والانشطار النووي؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Aug. 11, 2025

fission-fusion

يتشابه الاندماج النووي والانشطار النووي أنهما تفاعلان يحدثان على مستوى نوى الذرات، ويتولد عنهما طاقة هائلة. ففي الانشطار النووي تنشطر نواة ثقيلة نسبياً إلى نوى أصغر، بينما في الاندماج النووي تندمج نواتان خفيفتان لتكوين نواة أثقل. وفي كلتا الحالتين، يُطلق كمٌ كبير من الطاقة يمكن تسخيرها لخدمة البشرية، كما في المفاعلات النووية التي تولد الكهرباء، أو استخدامها في التدمير الشامل، كما في الأسلحة النووية.

ولفهم أعمق لهذين التفاعلين، دعنا نستعرض الفروقات الجوهرية بينهما.

أولاً: الانشطار النووي

في الانشطار النووي تنقسم نواة ذرة ثقيلة، مثل اليورانيوم-235 أو البلوتونيوم-239، إلى نواتين أصغر حجماً، ويصاحب هذا الانقسام انطلاق نيوترونات وطاقة كبيرة. وغالباً ما يُحفّز هذا التفاعل عند اصطدام نيوترون حر بنواة الذرة المستهدفة، مما يؤدي إلى عدم استقرارها وتشطرها.

تبدأ العملية عادةً بقذف نواة الذرة الثقيلة بنيوترون حر. عند امتصاص النواة لهذا النيوترون، تصبح غير مستقرة إلى درجة حرجة، مما يؤدي إلى انشطارها الفوري وإطلاق نيوترونات جديدة، والتي بدورها يمكن أن تصطدم بنوى أخرى، مسببةً انشطارها هي الأخرى في تفاعل متسلسل (Chain Reaction).

لكي يستمر هذا التفاعل بطريقة منظمة وآمنة، يجب تهيئة ظروف خاصة كما هو الحال في المفاعلات النووية. حيث يتم التحكم في عدد النيوترونات المنطلقة باستخدام قضبان تحكم تمتص الزائد منها، لضمان استمرار التفاعل بشكل مستقر وإنتاج طاقة كهربائية بشكل فعّال وآمن.

أما في القنابل الانشطارية، فيُستخدم نفس المبدأ ولكن بتركيز عالٍ من المادة الانشطارية، مع إزالة أي عوامل تحكم أو تبطئة، مما يؤدي إلى تفاعل متسلسل متسارع ينتج عنه انفجار هائل في لحظات.

ثانياً: الاندماج النووي (طاقة الشمس)

في تفاعل الاندماج النووي تندمج نواتان خفيفتان، مثل نظيري الهيدروجين (الديوتيريوم والتريتيوم)، لتكوين نواة أثقل مثل الهيليوم، مع انطلاق طاقة أكبر بكثير من تلك الناتجة عن الانشطار.

لكن تحقيق هذا التفاعل عملياً يتطلب ظروفاً قاسية جداً من حيث درجات الحرارة (تصل إلى ملايين الدرجات المئوية) والضغط، بحيث تُمنح النوى طاقة كافية لتجاوز قوة التنافر الكهربائي بينهما (قوة التنافر الكولومبية). هذه الظروف تشبه ما يحدث في لب الشمس والنجوم.

ورغم أن العلماء تمكنوا من تحقيق الاندماج النووي في المختبرات، إلا أن المفاعلات الاندماجية لا تزال في مراحل تجريبية، نظراً لصعوبة احتواء البلازما الساخنة وتوفير بيئة مستقرة تسمح باستمرار التفاعل لفترات كافية لإنتاج طاقة مجدية.

وعلى النقيض من المفاعلات، فقد تم تحقيق الاندماج النووي عملياً في القنابل الهيدروجينية. إذ يُستخدم انفجار انشطاري أولي لتوفير الظروف الحرارية والضغط اللازمين لبدء التفاعل الاندماجي، وذلك لأن الغرض من القنبلة هو التدمير الفوري، وليس الحفاظ على التفاعل. ولهذا السبب، نجحت هذه القنابل في توليد انفجارات تفوق القنابل الانشطارية بأضعاف مضاعفة من حيث القوة التدميرية.

وهكذا، يُعد كل من الانشطار والاندماج النووي مصدراً هائلاً للطاقة. فالانشطار يُعتبر تقنية ناضجة تُستخدم حالياً في المفاعلات النووية، لكنه يُنتج نفايات مشعة تتطلب معالجة وتخزيناً طويل الأمد. أما الاندماج النووي، فرغم أن استخدامه في توليد الكهرباء لم يبلغ مرحلة النضج بعد، إلا أنه يَعد بمستقبل نظيف وآمن، إذ لا يُنتج نفايات مشعة طويلة الأمد، ويعتمد على الهيدروجين الذي يتوفر بكميات وفيرة في الطبيعة، على خلاف المواد الانشطارية النادرة والمكلفة.



مشاركة