لماذا اختفى صوت الطنين المزعج من مكبرات الصوت عند استقبال مكالمة على الهاتف المحمول؟

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Dec. 22, 2025

buzz2g

منذ سنوات عندما كنت تجلس بجوار مكبرات الصوت وفجأة تسمع صوت طنين إيقاعي مميز (بززت-بززت-بززت)، كنت تعلم فوراً أن هاتفك سيرن أو ستصلك رسالة قبل حدوث ذلك بثوان. لكن اليوم اختفى هذا الصوت تماماً رغم أننا نستخدم الهواتف والمكبرات أكثر من أي وقت مضى، فما الذي تغير تقنياً؟

في الشبكات القديمة ولا سيما شبكات الجيل الثاني(2G/GSM)، لم يكن الهاتف يرسل إشارته إلى برج الاتصالات بشكل مستمر كخيط متصل، بل كان يرسل البيانات على شكل نبضات كهرومغناطيسية قوية ومتقطعة. تخيل شخصاً يطرق الباب بقوة ثم يتوقف ثم يطرق مجدداً بسرعة هائلة، وتحديداً بمعدل 217 نبضة في الثانية. هذه النبضات الكهرومغناطيسية القوية كانت تتسرب في الهواء وتصطدم بالأسلاك النحاسية في مكبر الصوت القريب.

أسلاك المكبر ورغم أنها مصممة لنقل الصوت، إلا أنها تتحول تلقائياً إلى هوائي استقبال بدائي. عندما تلتقط هذه الأسلاك تلك النبضات القوية يتحول هذا الإشعاع داخل السلك إلى تيار كهربائي بنفس الإيقاع. وبما أن وظيفة المضخم داخل السماعة/المكبر هي تكبير أي إشارة كهربائية تصله دون تمييز، فإنه يقوم بتضخيم هذه النبضات الدخيلة ويخرجها لك كصوت مسموع، وهو ذلك الطنين الشهير (بززت-بززت-بززت) الذي يطابق تردد إرسال الهاتف.

أما اليوم ومع تقنيات الجيل الرابع والجيل الخامس (4G/5G)، فقد تغيرت لغة التخاطب بين الهاتف والبرج جذرياً. لم يعد الإرسال يعتمد على تلك النبضات القوية على تردد واحد، بل أصبح الهاتف يوزع بياناته على مئات الترددات الفرعية المختلفة في وقت واحد وبشكل مستمر، وكأنها نهر يتدفق بسلاسة بدلاً من قطرات متقطعة بقوة.

بسبب هذا التغيير، حتى لو التقطت أسلاك المكبر هذه الإشارات الحديثة، فإنها لا تجد فيها ذلك الإيقاع المتكرر والقوي الذي يمكن ترجمته لصوت مميز. بالنسبة للمكبر تبدو إشارات الجيل الرابع والخامس مجرد ضوضاء بيضاء عشوائية وخفيفة جداً يتم تجاهلها، ولهذا السبب نعمنا أخيراً بالهدوء واختفى صوت الطنين من حياتنا.



مشاركة