المطبات الجوية: للسماء مطباتها أيضاً

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Aug. 8, 2025

air-turbulence

يشعر ركاب الطائرات أحياناً باهتزازات خفيفة، وأحياناً أخرى تكون أشد فتجعلهم يتحركون في مقاعدهم. فالمطبات في الجو تشبه المطبات على الطرق، لكنها غير ثابتة ولا يمكن إصلاحها، وأحياناً لا يمكن حتى رؤيتها.

المطب الجوي هو تغير مفاجئ وغير منتظم في حركة الهواء يؤدي إلى اهتزاز الطائرة أو انحرافها قليلاً عن مسارها. فالهواء يتحرك بسرعات واتجاهات مختلفة، ما يسبب تأثيرات مفاجئة على الطائرة. لكن الطائرات مصممة لتحمّل هذه الاضطرابات، ونادراً ما تتسبب بمشاكل خطيرة، تماماً مثل السيارات التي تعبر المطبات الأرضية.

أهم أسباب المطبات الجوية:

1- التيارات الحرارية الصاعدة والهابطة
هي حركات عمودية للهواء تحدث بسبب اختلاف حرارته وكثافته. عندما يسخن الهواء تقل كثافته فيرتفع للأعلى على شكل عمود أو فقاعة دافئة، بينما يندفع الهواء الأبرد من المناطق المحيطة ليحل مكانه، مكوّناً تيارات هابطة. وفي العواصف، قد يهبط الهواء البارد بسرعة كبيرة، ما يتسبب في اضطرابات شديدة.

2- الرياح الجبلية
عند هبوب الرياح في المناطق الجبلية، تجبر الجبال الهواء على الصعود فوقها ثم الانحدار بسرعة في الجهة الأخرى، مما يخلق اضطرابات قوية تُعرف بالموجات الجبلية، وقد تسبب مطبات شديدة للطائرات.

3- التيارات النفاثة
هي أحزمة ضيقة من الرياح القوية جداً في طبقات الجو العليا، على ارتفاع بين 8 و12 كيلومتر، بسرعات قد تتجاوز 300 كم/ساعة. تتكوّن نتيجة التقاء كتل هوائية مختلفة في الحرارة والضغط، وتتحرك من الغرب إلى الشرق. يمكن أن تختصر زمن الرحلة إذا طارت الطائرة معها، لكنها قد تسبب مطبات على أطرافها بسبب تغير سرعة واتجاه الرياح فجأة.


4- السحب الركامية والعواصف
وهي سحب عمودية تمتد من الطبقات المنخفضة إلى العالية، وداخلها تدور تيارات هوائية صاعدة وهابطة بسرعة قد تتجاوز 100 كم/ساعة. دخول الطائرة في هذه المناطق يسبب تغيّراً حاداً في تدفق الهواء حول أجنحتها، ما يؤدي إلى اهتزازات قوية أو انحرافات مفاجئة. العواصف المصاحبة قد تحتوي على برد أو أمطار غزيرة، مما يزيد من اضطراب الهواء.

كيف يتعامل الطيارون مع المطبات؟

قبل الإقلاع، يطّلع الطيارون على تقارير الطقس ومسار الرحلة لتحديد مناطق الاضطراب المحتملة. وتزوّد الطائرات برادارات جوية ومستشعرات متطورة لرصد التيارات الهوائية المضطربة. إذا أمكن، يغيّر الطيارون الارتفاع أو المسار لتجنبها. أما إذا اضطروا لدخولها، فيخفضون سرعة الطائرة إلى ما يُعرف بـ سرعة الاضطراب لتقليل الضغط على هيكلها وضمان عبور آمن.

وهكذا، فالمطبات الجوية جزء طبيعي من الطيران، وهي في الغالب آمنة بفضل تصميم الطائرات الحديث وخبرة الطيارين. قد تسبب الإزعاج للركاب، لكنها نادراً ما تشكّل خطراً جدياً.



مشاركة