أحمد زويل لم يخترع كاميرا بل ابتكر استخدامها في تصوير التفاعل الكيميائي

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Aug. 2, 2025

ahmedzewail

في الذكرى التاسعة لرحيله، نستذكر العالم المصري أحمد زويل، الذي دخل التاريخ كأول عالم مصري وعربي وأفريقي ينال جائزة نوبل في مجال علمي، وتحديداً في الكيمياء عام 1999. وُلد زويل في مدينة دمنهور عام 1946، ونشأ في بيئة مصرية بسيطة، لكنه حمل منذ صغره شغفاً بالعلم دفعه إلى التفوق في دراسته، ثم إلى الهجرة العلمية نحو الولايات المتحدة، حيث واصل أبحاثه في معهد كاليفورنيا للتقنية (Caltech) وأصبح أحد أبرز علماء الكيمياء الفيزيائية في العالم.

انطلقت فكرة زويل من إيمانه بإمكانية تصوير حركة الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية، وهي لحظة كانت تُعتبر غير قابلة للرصد بسبب سرعتها الفائقة. فالتفاعلات الكيميائية تحدث في زمن بالغ القِصر يُقاس بوحدة الفمتوثانية، أي جزء من مليون مليار جزء من الثانية. ولرصد هذه اللحظات، ابتكر زويل تقنية تعتمد على إرسال نبضات ليزرية فائقة السرعة، ثم استقبال الطيف الضوئي باستخدام مستقبلات خاصة دقيقة ليتم بعدها تحليل صور الطيف الضوئي المتتابعة. هذه التقنية، المعروفة باسم "مطيافية الفمتوثانية"، مكّنت العلماء لأول مرة من رؤية ما يحدث داخل الجزيئات أثناء تكوّن الروابط الكيميائية وانكسارها، وهي لحظة تُعرف علمياً بـ"حالة الانتقال".

من خلال هذه الأبحاث، أسّس زويل فرعاً علمياً جديداً أُطلق عليه اسم "كيمياء الفمتوثانية"، وهو فرع يجمع بين الكيمياء والفيزياء والليزر، ويفتح آفاقاً غير مسبوقة لفهم آلية التفاعلات الكيميائية على المستوى الذري. وقد اعتبرت لجنة نوبل هذا الإنجاز ثورة علمية، لأنه أتاح للعلماء دراسة التفاعلات في الزمن الحقيقي، مما ساعد في تطوير فهم أدق لكيفية عمل الإنزيمات، وتصميم الأدوية، وتحسين المواد الصناعية.

نال زويل جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 "عن دراسته لحالات الانتقال في التفاعلات الكيميائية باستخدام مطيافية الفمتوثانية"، وكان ذلك تتويجاً لمسيرة علمية امتدت لعقود، واعترافاً عالمياً بإسهامه في تغيير الطريقة التي نفهم بها الكيمياء.

أثر هذا الإنجاز لم يكن علمياً فقط، بل امتد إلى التعليم والسياسة العلمية، حيث أصبح زويل رمزاً للعلم في العالم العربي، وأسّس مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر، سعياً منه لخلق بيئة علمية متقدمة في المنطقة. واليوم، بعد تسع سنوات على وفاته، لا يزال إرثه العلمي حاضراً، وتبقى إنجازاته مصدر إلهام لكل من يؤمن بأن العلم قادر على تغيير العالم نحو الأفضل.



مشاركة