لماذا أحب الأسرى الاسرائيليين عناصر القسام؟

بقلم:   سامي الناصر           |  Dec. 10, 2023

قسام_محتجز

كانت عملية طوفان الأقصى عملية ناجحة من الناحية العسكرية التي تنم عن خبرة وذكاء من القادة والمقاتلين مكنتهم من التفوق على جيش بقدرات تفوق قدراتهم آلاف المرات. وكانت أيضاً عملية ناجحة من الناحية الدعائية فكان من الملفت تعامل حماس الإنساني والناعم مع الأسرى لدرجة أنهم سمحوا لإحدى الفتيات أن تحتفظ بكلبها معها في الأسر بعد أن اكتشفوا أنها أخفته في ملابسها. تقول الفتاة:" لقد تناقشوا في الأمر بينهم ثم قرروا السماح لي بالاحتفاظ به وقد كانوا يطعموه من بقايا الطعام".

وكان من الملفت أن تقوم إحدى المحتجزات من كبار السن بالبحث عن من كان يرافقها لتصافحه قبل صعودها السيارة. وكانت إحدى الفتيات قد شكرت أحد القساميين قبل مغادرتها بطريقة فيها الكثير من الصدق والعاطفة والتقدير.

ربما تفاجىء الصديق قبل العدو بهذه المعاملة الحسنة من قبل حماس؛ وهناك عدة أسباب يقودنا إلى الظن أن معاملة الأسرى كانت ستكون سيئة وأهمها:

1- حماس تنتمي لحركة الإخوان المسلمين ومن المعروف عن هذه الحركة عدم تسامحها مع المختلف وينسب لها الكثير من عمليات الاغتيالات لأشخاص يخالفوها فكرياً؛ كما أن الجمهور المؤيد لها على السوشال ميديا يظهر تعصباً كبيراً وكراهية علنية وحقداً كبيراً لكل مختلف.

2- اسرائيل تعامل الأسرى الفلسطينيين معاملة سيئة ومهينة وبالتالي هذا ما يجعل الرغبة في الانتقام لدى حماس موجودة.

3- اسرائيل تعامل الفلسطينيين خارج السجون معاملة سيئة للغاية وهي تحتل أرضهم وقتلت أبائهم فلا يوجد سبب يدفعهم لمعاملة أسراها بطريقة مختلفة.

فلماذا تعالت حماس على كل هذه الأسباب وقررت أن تعاملهم معاملة حسنة بل غاية في الحسن:

1- حماس رغم انتسابها للإخوان المسلمين إلا أنها لم تبدي يوماً التعصب الذي تحمله الجماعة في دول مجاورة. فمثلاً يحيى السنوار يهدي أحد انتصارتهم إلى أبو عمار قائلاً عنه في خطاب علني القائد الكبير وهو ليس من حماس ولو كان منطلق زعيم الحركة الميداني ديني وليس فلسطيني لرفض أن يلقب أحد لا ينتمي لجماعته بالقائد الكبير. ومن هنا يجب أن ننطلق في فهم حماس كحركة مقاومة فلسطينية لها بعدها الديني وليست -على الأقل تحت قيادة السنوار- مجرد امتداد لحركة الإخوان في أرض فلسطين. ولهذا ليس من الضروري أن تعتمد على فتاوى المتشددين في معاملة الاسرى وهذا ما أوضحه الضيف عندما طلب من القساميين أن يتعاملوا مع الأسرى كما أمرهم الرسول فلايقتلون الأطفال والشيوخ والنساء. رغم أنه كان يمكن له أن يتجاهل هذا أو يعتمد على أحد العلماء الذين تمجدهم حركة الإخوان.

2- لابد أن هذا الفكر الذي يقود الحركة اليوم بلغ النضج فلم يعد يتعامل برد الفعل والعاطفة بل أصبح أكثر تنظيماً وتخطيطاً وحنكة وبالتالي من البديهي أن يمتلك استراتيجية إعلامية يعرف أثرها على الشعوب الداعمة له والشعوب الغربية ولهذا كان إعطاء الصورة الجيدة عن معاملتهم الأسرى جزء من الدعاية والرسالة التي يريد إرسالها إلى شعوب الغرب لمواجهة الدعاية الصهيونية التي تريد أن تصور حماس مثل داعش وهذا ما تكرر على ألسنة قادة اسرائيل وقادة كثر في العالم الغربي وحتى وسائل إعلامهم.

3- ربما التعامل الحسن مع اسرى العدو قد يجعل جنوده أقل سوءاً بقليل في معاملة المعتقلين الفلسطينيين لديهم ولو تم معاملة الأسرى الإسرائيليين بإسلوب فظ لكان له انعكاس أسوأ على معاملة المعتقلين لدى العدو.

في النهاية هناك سبب أهم لهذه العلاقة العاطفية بين القساميين والأسرى؛ فمهما تم تدريب القساميين عليها وطلب منهم ذلك لايمكن أن يصل هؤلاء الأفراد الذين يحملون في ذاكرتهم صورة الإسرائيلي الذي يحتل أرضهم ويطلق النار على أحبائهم وأهلهم إلى هذه المرحلة من الاهتمام بالأسرى وهذا سببه وجود القساميين والأسرى تحت تهديد القصف الإسرائيلي بالتساوي فقد وحدهم وجودهم تحت نفس الخطر؛ إذ قالت إحدى الاسيرات لنتنياهو بعد خروجها: "لم نكن نخاف أن نموت على أيدي حماس كنا نخاف أن نموت من قصفكم".

فقد كانت مهمة القساميين حماية الأسرى من الموت من قصف يقوم به جيشهم مما جعل القساميين يحملون مسؤولية حمايتهم ويشعر الأسرى الإسرائيليين بعاطفة تجاه من يحاول الحفاظ على حياتهم من بطش دولتهم. وتمكنوا من فهم معاناة الفلسطينيين ورؤية الواقع الذي تسببه لهم دولتهم وهذا الجانب الذي لم يروه سابقاً وحتى لو سمعوا عنه لما كانوا ليتخيلوا صعوبته. وبالتالي نشأت هذه العلاقة العاطفية بين القساميين والأسرى والتي تحولت من علاقة السجين والسجان إلى علاقة مختلفة كعلاقة المحب الذي يريد حماية أحبائه من قصف المجرمين.



مشاركة