الصين تختبر قافلة من سبعة قطارات تسير معاً عبر روابط افتراضية

بقلم:   تامر كرم           |  Dec. 10, 2025

chinawireless

حققت الصين إنجازاً غير مسبوق في تاريخ السكك الحديدية العالمية عبر تجربة ناجحة أجرتها مؤخراً على خط سكة حديد باوشين في منطقة منغوليا الداخلية.

تمثلت التجربة في اختبار التحكم بقافلة مكونة من سبعة قطارات شحن ثقيلة تسير خلف بعضها البعض كأنها قطار واحد طويل، ولكن دون أي تلامس مادي بينها.

بلغ الوزن الإجمالي للقافلة 35,000 طن، حيث حمل كل قطار من السبعة أكثر من 5,000 طن، وتمت قيادتها ككتلة واحدة متناغمة باستخدام إشارات لاسلكية حلت محل الخطافات الميكانيكية التقليدية.

تعتمد التقنية المستخدمة، والتي تسمى "الاقتران الافتراضي" (Virtual Coupling)، على استبدال الروابط الفيزيائية بروابط رقمية؛ فبدلاً من ربط العربات والقاطرات بمفاصل فولاذية ضخمة، استُخدمت شبكة اتصالات فائقة السرعة – غالباً ما تستند إلى تقنيات LTE-R أو 5G-R المخصصة للسكك الحديدية – لتبادل البيانات بين "القطار القائد" والقطارات الستة التابعة له في أجزاء من الثانية.

يعالج هذا النظام التحدي الأكبر في القطارات الطويلة وهو "وقت رد الفعل"، ففي حين تندفع العربات الخلفية في الأنظمة التقليدية نحو الأمامية عند الكبح بفعل القصور الذاتي مما يستلزم مسافات توقف طويلة، يقوم القطار القائد في النظام الجديد بإرسال أوامر "زيادة السرعة" أو "الكبح" لتنفذها القافلة بأكملها في اللحظة الزمنية ذاتها، فتتصرف القافلة كجسم واحد يمنع التصادم رغم قصر المسافة الفاصلة.

تحدث هذه التقنية تغييراً جذرياً في مفاهيم السلامة عبر الانتقال من مبدأ "الكبح المطلق"، الذي يفرض ترك مسافة كافية للتوقف التام في حالات الطوارئ، إلى "الكبح النسبي". وبما أن القطارات تتواصل رقمياً بشكل مستمر، يدرك القطار الخلفي تباطؤ نظيره الأمامي قبل أن يلاحظ السائق ذلك بصرياً، مما يسمح بتقليص المسافات الآمنة بين القطارات من عدة كيلومترات إلى بضع مئات من الأمتار فقط وبأمان تام.

يتجاوز هذا الابتكار كونه مجرد استعراض تقني ليمثل حلاً جذرياً لمشاكل سلاسل التوريد الاقتصادية واللوجستية، فهو يضاعف السعة التشغيلية دون الحاجة لضخ استثمارات مليارية في بناء بنية تحتية جديدة، إذ تسمح تقنية الاقتران الافتراضي بزيادة كثافة القطارات على نفس القضبان الحالية لترفع سعة الخط بنسبة تقدر بـ 30% إلى 50% فوراً.

كما يوفر النظام مرونة تشغيلية هائلة تُعرف بـ "الاقتران أثناء الحركة"، حيث يمكن للقطارات القادمة من مناجم مختلفة الالتحاق بالقافلة أو الانفصال عنها وهي تتحرك دون توقف، مما يوفر ساعات العمل اليدوي في المحطات ويسرع دوران الأصول بشكل ملحوظ.

يساهم تحرك القطارات في قوافل متقاربة أيضاً في تحسين الانسيابية الهوائية وتقليل استهلاك الطاقة والوقود، فضلاً عن أن التزامن الدقيق في الكبح يقلل من التآكل الميكانيكي للعجلات والمكابح الذي يحدث عادة بسبب تدافع العربات.

وبهذا الإنجاز، قدمت شركة "الصين شينهوا للطاقة" إثباتاً عملياً بأن مستقبل السكك الحديدية يعتمد على ذكاء الإشارات لا قوة المحركات فحسب، محولةً خطوط السكك الحديدية من مجرد مسارات للنقل إلى "أحزمة ناقلة ذكية" عالية الكفاءة قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الموارد بتكلفة أقل ومعدلات أمان أعلى.



مشاركة