في زمن تتسارع فيه وتيرة التحول نحو السيارات الكهربائية، جاء إنجاز جديد من شركة سكودا ليذكرنا بأن محركات الديزل لا تزال قادرة على تقديم أداء مذهل من حيث الكفاءة والاستدامة. فقد سجلت سيارة سكودا سوبرب 2.0 TDI رقماً قياسياً عالمياً في موسوعة غينيس، بقطعها مسافة بلغت 2831 كيلومتر (ما يعادل 1759 ميل) باستخدام خزان وقود واحد فقط بسعة 66 لتر.
بدأت الرحلة من بولندا، مروراً بألمانيا، فرنسا، بلجيكا، هولندا قبل العودة إلى بولندا. قاد السيارة سائق الراليات البولندي ميكو مارشيك، مستخدماً أسلوب قيادة اقتصادي يعتمد على الحفاظ على سرعة ثابتة، تقليل الكبح، والتخطيط الدقيق للمسار. هذه العادات، إلى جانب التصميم الذكي للسيارة، ساهمت في تحقيق معدل استهلاك وقود بلغ 2.61 لتر لكل 100 كيلومتر، أي نحو 90 ميلاً لكل جالون أمريكي، وهو رقم استثنائي بالنسبة لسيارة سيدان كاملة الحجم.
السيارة المستخدمة كانت من طراز الإنتاج القياسي، مع تعديلات بسيطة مثل استخدام إطارات منخفضة المقاومة للدوران ونوابض تعليق رياضية منخفضة لتحسين الديناميكا الهوائية. لكن الإنجاز لم يكن نتيجة هذه التعديلات فقط، بل يعود الفضل الأكبر إلى هندسة المحرك المتطورة ونظام حقن الوقود الذكي الذي يستخرج أقصى طاقة من كل قطرة ديزل.
هذا الإنجاز يسلط الضوء على نقطة مهمة في نقاشات الاستدامة: رغم أن السيارات الكهربائية تُعد مستقبل النقل النظيف، إلا أن تحسين كفاءة محركات الاحتراق الداخلي يمكن أن يلعب دوراً مكملاً في تقليل الانبعاثات، خاصة في المناطق التي يصعب فيها اعتماد الكهرباء بشكل كامل أو في الرحلات الطويلة التي تتطلب مدى قيادة كبير.
رحلة سكودا، التي جرت في مارس/آذار 2025، لم تكن مجرد اختبار تقني، بل تجربة واقعية تُظهر كيف يمكن للتكنولوجيا التقليدية أن تتطور وتُساهم في أهداف الاستدامة. وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو البطاريات والشحن السريع، تذكّرنا هذه الرحلة بأن الابتكار لا يقتصر على الجديد، بل يشمل أيضاً تحسين ما هو موجود بالفعل.