نجح فريق من مهندسي جامعة كاليفورنيا، ديفيس، في تطوير جهاز صغير قادر على توليد طاقة ميكانيكية خلال الليل. يعتمد هذا الابتكار على استغلال الفرق في درجات الحرارة بين الأرض الدافئة نسبياً وبرودة الفضاء الخارجي الشديدة. النموذج الأولي يجمع بين محرك ستيرلينغ بسيط ولوحة تبريد إشعاعية، وقد أثبت هذا الدمج قدرته على العمل بعد غروب الشمس دون الحاجة إلى أي وقود أو ضوء شمسي.
محركات ستيرلينغ مشهورة بفاعليتها حتى مع وجود فروق حرارية بسيطة. هي تتكون من حجرتين، إحداهما ساخنة والأخرى باردة؛ الغاز في الحجرة الساخنة يتمدد بفعل الحرارة فيدفع مكبساً. هذا المكبس، المتصل بدولاب الموازنة، يحول الحركة الترددية (الذهاب والإياب) إلى حركة دورانية مستمرة، وبعد ذلك ينتقل الغاز إلى الحجرة الباردة حيث يبرد وينكمش، فيسحب المكبس إلى الداخل، وتكرار هذه الدورة يولد الحركة الميكانيكية.
تقليدياً، لتشغيل هذا المحرك، يتم تسخين أحد جوانبه، لكن فريق كاليفورنيا عكس الطريقة: فبدلاً من البحث عن مصدر شديد السخونة، بحثوا عن خزان بارد جداً.
استخدم الباحثون لوحة إشعاعية موجهة نحو السماء الصافية. هذه اللوحة تطلق الحرارة على شكل أشعة تحت حمراء مباشرة نحو الفضاء الخارجي، مما يجعلها أبرد من الهواء المحيط بها، بينما تبقى الأرض أو التربة أسفل الجهاز أكثر دفئاً. هذا التباين بين الأرض الدافئة (الجانب الساخن) واللوحة الباردة (الجانب البارد) يولد فرقاً حرارياً كافياً لتحريك مكبس محرك ستيرلينغ وتشغيل دولاب الموازنة.
خلال اختبارات ميدانية استمرت عاماً كاملاً، تمكن الجهاز من إنتاج نحو 400 ميلي واط من الطاقة الميكانيكية لكل متر مربع، وهي كمية كافية لتشغيل مروحة صغيرة أو مولد كهربائي منخفض القدرة، وقد نجح الفريق بالفعل في ذلك، مما يثبت نجاح الفكرة عملياً.
يؤكد الباحثون أن النظام يعمل بشكل أفضل في المناطق ذات السماء الصافية والرطوبة المنخفضة، مثل الصحارى والبيئات الجافة. يمكن استخدام هذه الطاقة لتشغيل أنظمة تهوية بسيطة في البيوت الزجاجية أو المباني بعد حلول الظلام، وهي تطبيقات تستفيد من مصدر نظيف ومستدام يعمل ليلاً دون الحاجانات إلى طاقة كبيرة.
قدمت جامعة كاليفورنيا، ديفيس، براءة اختراع مؤقتة لهذه التقنية، وتعتزم تحسين التصميم واستكشاف تطبيقات أوسع.
النتائج تُظهر أن الفضاء يمكن أن يعمل كمشتت حراري عملي لتوليد الطاقة ليلاً، وهو ما يفتح الباب أمام جيل جديد من تقنيات الطاقة النظيفة التي لا تعتمد على الوقود أو الشمس، ويمثل خطوة جديدة نحو حلول مبتكرة ومستدامة للطاقة.
نشرت الدراسة هنا.