تمتلك فرنسا واحدة من أكبر المناطق البحرية في العالم، حيث تمتد سواحلها على آلاف الكيلومترات وتحيط بها المحيطات والبحار من ثلاث جهات. هذا الامتداد الهائل من المياه أصبح مصدر إلهام وفرصة حقيقية لتطوير حلول طاقة متجددة مبتكرة. لذلك بدأت شركة فرنسية ناشئة تُدعى Seaturns، ومقرها مدينة بوردو، رحلتها نحو تسخير طاقة الأمواج وتحويلها إلى كهرباء نظيفة ومستدامة.
طورت شركة Seaturns جهازا فريدا من نوعه يُعرف باسم محول طاقة الأمواج الأسطواني (Wave Energy Converter - WEC). يعتمد هذا الجهاز على مبدأ بسيط وفعّال: تحويل حركة الأمواج الأفقية، المعروفة باسم "الاندفاع"، إلى طاقة كهربائية. عندما تتحرك الأمواج، يدفع اندفاعها الجهاز الأسطواني أفقيا. لكن بفضل نظام تثبيت حاصل على براءة اختراع، يتم تحويل هذه الحركة الأفقية إلى حركة مائلة، وهي أكثر كفاءة في التقاط الطاقة. تُستخدم هذه الحركة لتدوير مولد كهربائي داخل الجهاز، مما يُنتج طاقة كهربائية يمكن تخزينها أو نقلها إلى الشبكة.
لم يبق هذا المشروع مجرد فكرة نظرية، بل خضع لاختبارات عملية مكثفة. فقد أكملت الشركة نموذجًا أوليًا بربع الحجم خضع لاختبارات صارمة استمرت 18 شهرًا في معهد Ifremer بمدينة بريست الفرنسية، وهو أحد أبرز مراكز الأبحاث البحرية في أوروبا. أظهرت هذه الاختبارات نتائج واعدة على مستويين:
- كفاءة توليد الكهرباء
- متانة النظام في مواجهة الظروف البحرية القاسية
هذه النتائج عززت ثقة المستثمرين في قدرة الجهاز على العمل في بيئات بحرية حقيقية وعلى نطاق واسع.
بعد هذا النجاح، في يوليو 2025، أعلنت شركة Seaturns عن حصولها على تمويل بقيمة 2.9 مليون دولار أمريكي (2.45 مليون يورو)، في جولة استثمارية قادتها منصة Keenest المتخصصة في تمويل تكنولوجيا المناخ. شارك في هذه الجولة 1543 مستثمرًا فرديًا إلى جانب مؤسسات استثمارية كبرى.
بفضل هذا التمويل، تستعد الشركة لإطلاق نموذج تجريبي بالحجم الكامل في موقع SEM-REV، وهو مركز اختبار بحري متقدم تديره مؤسسة OPEN-C. يتميز هذا الموقع ببنية تحتية تحت سطح البحر، وأنظمة مراقبة بيئية، ودعم فني، مما يجعله مثاليًا لاختبار التكنولوجيا في بيئة بحرية حقيقية مع تقليل المخاطر الصناعية والبيئية.
تطمح Seaturns إلى أن تصبح رائدة عالميًا في مجال طاقة الأمواج، خاصة في ظل تزايد الطلب على مصادر الطاقة النظيفة. فبفضل بساطة تصميمها، ومرونة نظامها، وقابليته للتوسع، يمكن أن تُستخدم هذه التقنية في الجزر النائية، والمناطق الساحلية، وحتى في المنشآت البحرية الصناعية.