في خطوة علمية وهندسية غير مسبوقة على مستوى العالم، أعلن باحثون صينيون، في 8 من أبريل 2025، من تحقيق إنجاز تاريخي في مجال الطاقة النووية: إعادة تزويد مفاعل نووي بالوقود أثناء تشغيله، دون الحاجة لإيقافه، على عكس المفاعلات النووية التقليدية التي تتطلب التوقف الكامل لهذه العملية الحيوية.
هذا الإنجاز تم تحقيقه في مفاعل ثوريوم ملحي منصهر (Molten Salt Thorium Reactor)، وهو نوع متقدم من المفاعلات لا يعتمد على اليورانيوم التقليدي، بل على الثوريوم - وهو معدن فضي اللون واعد يوفر طاقة نووية أكثر أماناً واستدامة بكثير. إن القدرة على إعادة التزويد بالوقود أثناء التشغيل تفتح الباب أمام تشغيل مستمر للمفاعلات، مما يزيد من كفاءة إنتاج الطاقة ويقلل بشكل كبير من التوقفات غير المخطط لها وتكاليف التشغيل والوقت الضائع.
كيف يعمل هذا المفاعل الثوريوم المبتكر؟
يعتمد مفاعل الملح المنصهر على إذابة الوقود النووي، مثل فلوريد الثوريوم، مباشرة داخل مزيج من الأملاح المنصهرة عند درجات حرارة عالية جداً. يعمل هذا الملح المنصهر كوسط يحمل الوقود المتفاعل وفي نفس الوقت يمتص الحرارة الناتجة عن الانشطار النووي بفعالية عالية جداً، أي أنه يقوم بوظيفتي الوقود والمبرد معاً في نظام واحد مبسط.
الميزة الجوهرية هنا هي طبيعة الوقود السائلة. على عكس قضبان الوقود الصلبة في المفاعلات التقليدية التي تتطلب توقفاً كاملاً لاستبدالها أو إعادة ترتيبها بعمليات معقدة ومكلفة، يمكن إضافة الوقود الجديد إلى دورة الملح المنصهر بشكل مستمر أو شبه مستمر أثناء عمل المفاعل دون التأثير على إنتاج الطاقة. هذا يسمح للمفاعل بالعمل لفترات أطول بكثير دون توقف للتزود بالوقود.
الأهمية والتفوق التنافسي للصين
يقع هذا المفاعل البحثي الرائد في مدينة ووي بمقاطعة قانسو الصينية، وعلى الرغم من أنه لا يزال في مرحلته التجريبية ويبلغ إنتاجه نحو 2 ميغاواط فقط من الطاقة الحرارية، فإن تحقيق إعادة التزويد بالوقود أثناء التشغيل يمثل نقلة نوعية تمنح الصين ميزة استراتيجية وتنافسية حاسمة في سباق تطوير الجيل القادم من الطاقة النووية.
هذه القدرة هي خطوة مهمة نحو تطوير مفاعلات ثوريوم ملحية منصهرة أكبر حجماً بكثير، وقادرة على توليد الطاقة الكهربائية على نطاق تجاري بشكل موثوق ومستمر لسنوات طويلة. في حين تستكشف دول أخرى كبرى مثل الولايات المتحدة والهند وروسيا تقنيات مفاعلات الملح المنصهر، فإن الصين هي الأولى عالمياً التي نجحت في تجاوز هذا التحدي الهندسي الكبير والمتمثل في عملية إعادة التزويد بالوقود المستمر أثناء التشغيل.