في ظل هيمنة الصين على أكثر من 90% من إنتاج ومعالجة المعادن الأرضية النادرة، والتي تُعد عناصر أساسية في تصنيع الإلكترونيات، السيارات الكهربائية، الطائرات، والرادارات العسكرية، تبرز الحاجة إلى حلول بديلة تُقلل الاعتماد على سلاسل التوريد الخارجية. من بين هذه الحلول الواعدة، إعادة تدوير المعادن النادرة من النفايات الصناعية تُعد المسار الأسرع والأكثر استدامة لمواجهة هذه الهيمنة.

في هذا السياق، طوّر باحثون من جامعة رايس الأمريكية تقنية مبتكرة تُعرف باسم تسخين جول الفوري (Flash Joule Heating – FJH)، وهي تعتمد على تمرير نبضات كهربائية عالية الطاقة عبر مسحوق نفايات مغناطيسية في بيئة من غاز الكلور، ما يؤدي إلى رفع درجة الحرارة إلى أكثر من 1100 درجة مئوية خلال أجزاء من الثانية. هذه الحرارة الفائقة تُسبب تفاعل المعادن العادية مثل الحديد والكوبالت مع الكلور لتكوين كلوريدات معدنية تتبخر بسرعة، بينما تبقى المعادن الأرضية النادرة ذات درجات الغليان الأعلى، ويتم استخلاصها بكفاءة عالية.

أظهرت التجارب أن هذه التقنية تستعيد أكثر من 90% من العناصر الأرضية النادرة مثل النيوديميوم والساماريوم، دون الحاجة إلى استخدام الماء أو الأحماض، وبتكلفة تشغيلية أقل بنسبة 54% مقارنة بالطرق التقليدية، كما أنها تقلل استهلاك الطاقة بنسبة 87%، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 84%، وتُلغي تماماً استخدام السوائل الكيميائية، مما يجعلها خياراً بيئياً واقتصادياً مثالياً . كما تُنفذ العملية في خطوة واحدة فقط، مما يجعلها قابلة للتطبيق الصناعي على نطاق واسع.

جامعة رايس منحت ترخيص الملكية الفكرية لهذه التقنية لشركة Flash Metals USA، وهي شركة ناشئة مقرها تكساس، تخطط لدخول مرحلة الإنتاج الصناعي في الربع الأول من عام 2026. ويُتوقع أن يُحدث هذا التعاون نقلة نوعية في مجال إعادة تدوير المعادن الحيوية، ويُعزز التوجه نحو اقتصاد دائري ومستدام للعناصر الأرضية النادرة.

هذا الابتكار قد يُساهم في إعادة رسم مستقبل سلاسل التوريد العالمية، ويمنح الدول المستهلكة للمعادن النادرة فرصة لتأمين احتياجاتها من خلال إعادة التدوير، بدلاً من الاعتماد على التعدين التقليدي أو الاستيراد.

نشر البحث في مجلة PNAS.