نحو إنترنت كمومي: باحثون يثبتون إمكانية إرسال إشارات كمومية من الأرض إلى قمر صناعي

بقلم:   تامر كرم           |  Nov. 12, 2025

sat-link

تُستخدم اليوم الأقمار الصناعية الكمومية كوسيط لنقل فوتونات متشابكة من الفضاء إلى الأرض. على متن القمر الصناعي يُنشأ زوج من الفوتونات المتشابكة، ثم يُرسل كل فوتون إلى محطة أرضية مختلفة. عندما تستقبل المحطتان هذه الفوتونات، يمكنهما استخدام التشابك الكمومي لتبادل مفاتيح تشفير آمنة. أي محاولة للتجسس أو نسخ الفوتونات ستفسد التشابك فوراً، مما يكشف وجود اختراق. لهذا السبب تُعتبر الاتصالات الكمومية أكثر أماناً بكثير من الطرق التقليدية.

لكن حتى وقت قريب، كانت هذه العملية تتم في اتجاه واحد فقط: من القمر الصناعي إلى الأرض. الجديد أن فريقاً بحثياً من جامعة التكنولوجيا في سيدني أثبت أن إرسال حزم ضوئية كمومية من الأرض إلى أقمار صناعية في المدار أمر ممكن. هذا التطور يفتح الباب أمام بناء شبكات اتصالات كمومية عالمية تعتمد على الأقمار الصناعية الصغيرة منخفضة المدار.

العقبة الكبرى أمام الإرسال من الأرض كانت تأثيرات الغلاف الجوي التي تُشتت الضوء، والضوضاء الخلفية التي تُضعف الإشارة، وصعوبة الحفاظ على استقرار الفوتونات لمسافات طويلة. ما اقترحه الباحثون هو إطلاق فوتونين منفردين من محطتين أرضيتين مختلفتين نحو قمر صناعي يدور على ارتفاع يقارب 500 كيلومتر فوق الأرض، ويتحرك بسرعة تصل إلى 20,000 كيلومتر في الساعة. عند وصول الفوتونين إلى القمر الصناعي، يتم إدخالهما في تجربة التداخل الكمومي لضمان وصول آمن للمعلومات.

قام الفريق بمحاكاة العملية باستخدام الشروط الفيزيائية الحقيقية، مثل حركة القمر الصناعي والاضطرابات الجوية، وأثبتوا نجاحها نظرياً. الخطوة التالية ستكون اختبار هذه الفكرة عملياً باستخدام طائرات بدون طيار أو أجهزة استقبال على بالونات، قبل الانتقال إلى الأقمار الصناعية الفعلية.

الميزة الكبرى لهذا النهج تكمن في البنية التحتية: المحطات الأرضية يمكنها استخدام مصادر ضوئية قوية وصيانتها بسهولة، بينما تظل الأجهزة على الأقمار الصناعية خفيفة الوزن وبسيطة التصميم. هذا يقلل التكلفة ويزيد من العملية، ويجعل فكرة شبكة إنترنت كمومي عالمي أكثر واقعية. فشبكات الإنترنت الكمومي تحتاج إلى عدد هائل من الفوتونات لتوصيل أجهزة الكمبيوتر الكمومية، وهنا يأتي دور الأقمار الصناعية التي لا تحتاج سوى إلى وحدة بصرية مدمجة للتداخل مع الفوتونات الواردة والإبلاغ عن النتيجة، بدلاً من أجهزة ضخمة لإنتاج تريليونات الفوتونات في الثانية.

هذا يُخفّض التكاليف والحجم، ويجعل النهج أكثر عملية. فما بدأ كتجربة في سيدني قد يكون الشرارة الأولى لشبكة عالمية جديدة، أكثر أماناً وكفاءة من أي شيء عرفناه.

نتائج هذا البحث نُشرت مؤخراً في مجلة Physical Review Research.



مشاركة