الكترونيات بيولوجية: باحثون يكتشفون فطريات قد تعمل كشرائح الكترونية

بقلم:   تامر كرم           |  Oct. 28, 2025

mushroomschip

في تطور علمي جديد، تمكن باحثون من جامعة ولاية أوهايو من تحويل فطر الشيتاكي إلى مكون إلكتروني يُحاكي وظيفة الميمريستور، وهو نوع من المكونات الالكترونية التي تُستخدم في الذواكر والمعالجات الحديثة. هذا الإنجاز يفتح الباب أمام جيل جديد من الإلكترونيات البيولوجية، حيث تُستخدم مواد عضوية قابلة للتحلل في بناء أنظمة حوسبة منخفضة الطاقة وصديقة للبيئة.

الميمريستور هو عنصر إلكتروني يُغيّر مقاومته الكهربائية بناءً على الجهد المطبّق عليه، ويحتفظ بهذه الحالة حتى بعد انقطاع التيار. هذه الخاصية تجعله مثالياً لتخزين البيانات بطريقة تُشبه عمل الدماغ البشري، حيث تُحفظ المعلومات في بنية العنصر نفسه دون الحاجة إلى طاقة مستمرة. يُعد الميمريستور من أبرز المكونات المرشحة لتطوير الذواكر غير المتطايرة، والحوسبة العصبية، وأنظمة الذكاء الاصطناعي.

استخدم الباحثون فطر الشيتاكي، وهو نوع شائع من الفطريات الصالحة للأكل، واختاروا تحديداً الجزء اللحمي الداخلي من قبعته، الغني بمركبات عضوية مثل الكيتين والبروتينات الطبيعية. هذه المواد تُظهر خصائص كهربائية قابلة للتعديل. بعد تجفيف جزئي للفطر للحفاظ على بنيته دون قتله تماماً، تم توصيل أقطاب كهربائية على طرفي شريحة منه، ثم طُبّق تيار كهربائي منخفض الجهد.

أظهرت التجربة أن مقاومة الفطر تتغير حسب الجهد المطبّق، وتحتفظ بهذه الحالة بعد انقطاع التيار، تماماً كما يفعل الميمريستور الصناعي. سجل الباحثون استجابة كهربائية متكررة وصلت إلى آلاف التبديلات في الثانية، مما يُثبت أن الفطر يمكنه حفظ الحالة الكهربائية السابقة والعمل كمكون ذاكرة عضوي. هذا السلوك يُشير إلى إمكانية استخدام الفطر في بناء شرائح إلكترونية بيولوجية تُحاكي عمل الدماغ، وتُقلل من استهلاك الطاقة بشكل كبير.

من أبرز ميزات هذا النظام أنه لا يحتاج إلى طاقة مستمرة للاحتفاظ بالمعلومة، مما يجعله مثالياً للأجهزة المحمولة والأنظمة المدمجة. كما أن الفطر مادة قابلة للتحلل الحيوي، مما يُقلل من النفايات الإلكترونية ويُوفر بديلًا مستداماً لأشباه المواصلات التقليدية التي تعتمد على معادن نادرة وعمليات تصنيع كثيفة الطاقة. إضافة إلى ذلك، يُمكن زراعة الفطر بسهولة، مما يُتيح إنتاجاً محلياً منخفض التكلفة.

رغم هذه الميزات، لا تزال التقنية في مراحلها الأولى، وتواجه تحديات كبيرة تتعلق بالحجم و تحمل العمل لفترات طويلة، والتكامل مع الأنظمة الإلكترونية التقليدية، والتحكم الدقيق في الأداء الكهربائي. كما أن الفطر كمادة حيوية يتأثر بالعوامل البيئية مثل الرطوبة والحرارة، مما يتطلب تطوير تقنيات تغليف وحماية متقدمة.

لكن المستقبل قد يكون واعداً. و يرى الباحثون أن هذه التقنية قد تُستخدم في بناء أنظمة حوسبة بيولوجية قابلة للتكيف، وفي تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وحتى في الرحلات الفضائية حيث تُعد الاستدامة والوزن المنخفض من الأولويات. ومع استمرار الأبحاث، قد يتحول الفطر يوماً ما إلى لبنة أساسية في هندسة الحوسبة الحيوية.

رابط لمنشور الجامعة.



مشاركة