بدأ باحثون في "مختبر لورانس ليفرمور الوطني" (LLNL) مشروعاً تعاونياً مع نظرائهم في ألمانيا من "معهد فراونهوفر لتكنولوجيا الليزر" (ILT)، أُطلق عليه اسم ICONIC-FL؛ بهدف نقل تكنولوجيا الاندماج النووي من حيز التجارب العلمية الناجحة إلى الواقع الصناعي.
ويتم ذلك من خلال تصميم جيل متطور من أشعة الليزر القادرة على تشغيل محطات توليد الكهرباء بالاندماج النووي مستقبلاً، حيث يجمع المشروع بين الخبرة الأمريكية في فيزياء الاندماج والبراعة الألمانية في الهندسة الصناعية لليزر عالي الطاقة.
يستند هذا المشروع الطموح إلى أرضية صلبة من النجاح الذي حققه المهندسون الأمريكيون في عام 2022 داخل "منشأة الإشعال الوطنية" (NIF)، حيث أثبتوا علمياً وعملياً جدوى التقنية بعد نجاحهم في تسخين وقود الديوتيريوم والتريتيوم إلى أكثر من 100 مليون درجة مئوية وضغطه بكثافة هائلة؛ مما أدى إلى إطلاق تفاعل اندماجي ذاتي الاستدامة أنتج طاقة تفوق تلك التي استهلكها الليزر.
ورغم أن هذا الإنجاز التاريخي أكد صحة المفهوم الفيزيائي، إلا أنه كشف عن فجوة هندسية كبيرة تفصل المختبر عن المحطات التجارية؛ فالتجربة الأمريكية اعتمدت على إطلاق ومضة واحدة قوية ثم الانتظار لساعات طويلة لتبريد الأجهزة والعدسات، بينما تتطلب المحطات التجارية تكرار هذه العملية بمعدل 15 ومضة في الثانية الواحدة دون توقف وعلى مدار الساعة، وهو ما تعجز عنه الأنظمة الحالية.
ولمواجهة هذا التحدي التقني المعقد المتمثل في الحاجة إلى التكرار السريع، لجأ الفريقان إلى الحلول الرقمية قبل الخوض في التصنيع المكلف، حيث يعكف العلماء حالياً على استخدام محاكاة حاسوبية متقدمة لنمذجة أنظمة الليزر وتصميم مضخمات طاقة جديدة كلياً.
يركز هذا الجهد المشترك على حل مشكلة الإجهاد الضوئي والحراري الشديد الذي تتعرض له ألواح زجاج الليزر والبلورات الضخمة أثناء التشغيل المستمر، والذي يؤدي عادة إلى تشوهات وتلف في المكونات؛ لذا يعمل الباحثون على ابتكار طرق لتبريد هذه الوسائط -التي تصل أبعادها إلى 16 بوصة- باستخدام سوائل شفافة تسمح بمرور الليزر وتشتيت الحرارة في آن واحد.
وتكمن أهمية هذا التعاون في دمج أدوات المحاكاة لدى الطرفين لإنشاء نماذج واقعية ودقيقة تتحقق من كفاءة التصاميم المقترحة، مما يسرع وتيرة التطوير ويتفادى الأخطاء التصنيعية التي قد تكلف مليارات الدولارات. وتعتبر هذه الخطوة ضرورية لتسريع برنامج طاقة الاندماج بالقصور الذاتي (IFE)، حيث ستسمح الخبرة الألمانية في التوسع الصناعي لليزر المضحوخ بالصمامات الثنائية (Diode-pumped) بتحويل الإنجاز العلمي الأمريكي من ومضة واحدة مبهرة إلى محرك دائم لا ينطفئ يمد الشبكات بالطاقة النظيفة.