لأول مرة في الحروب.. روسيا تبدأ استخدام قنابل انزلاقية بمحرك نفاث

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Oct. 29, 2025

glide-ru

تُطلق القنابل الانزلاقية من الطائرات وتتميز بقدرتها على الوصول إلى أهدافها بدقة عالية مشابهة للصواريخ الموجهة، ولكن بتكلفة أقل بكثير. وقد بدأت روسيا في استخدام هذه القنابل الانزلاقية، والمعروفة بتقنية "الوحدة الموحدة للتخطيط والتصحيح" (UMPK)، بشكل مكثف اعتبارا من عام 2023 في الصراع الأوكراني.

تهدف هذه الوحدات إلى تحويل المخزون الروسي الضخم من القنابل غير الموجهة، مثل قنابل FAB-250 وFAB-500، إلى ذخائر دقيقة التوجيه. إذ تعتمد منظومة UMPK على أجنحة قابلة للطي تُضاف إلى جسم القنبلة، بالإضافة إلى نظام توجيه بالأقمار الصناعية (GLONASS)، مما يسمح للقنبلة بالانزلاق لمسافات تتراوح بين 60 إلى 80 كيلومتر نحو الهدف بدقة فائقة. وقد شُبهت هذه التقنية بمنظومة JDAM الأميركية، واعتبرها البعض "الـ JDAM الروسي" نظرًا لتشابه المفهوم والفعالية.

يمثل هذا التطور خطوة مهمة في تقليل التكلفة التشغيلية للضربات الجوية الدقيقة، إذ يُمكّن القوات الجوية الروسية من تحقيق أهدافها بفعالية دون استنزاف ترسانتها من الصواريخ باهظة الثمن. و الميزة الجوهرية لهذه القنابل الانزلاقية تكمن في قدرتها على السماح للطائرات التي تطلقها، مثل مقاتلات Su-34 Fullback، بالبقاء خارج نطاق الدفاعات الجوية المعادية، مما يعزز سلامة الطيارين والمعدات.

ومؤخراً ظهرت نسخة أكثر تقدماً من هذه القنابل الانزلاقية مزودة بمحرك نفاث صغير، تُعرف باسم UMPB-5R أو UMPK-PD. يشكل هذا الابتكار قفزة نوعية، حيث لم تعد القنبلة تعتمد فقط على الانزلاق، بل أصبحت قادرة على الطيران النشط بفضل محرك توربيني نفاث مدمج ضمن وحدة التوجيه والجناح. هذا الدمج الهندسي الذكي يُبقي القنبلة مدمجة ويُسهّل تركيبها على الطائرات دون الحاجة لتعديلات جوهرية، وفي الوقت نفسه يوسع مداها بشكل كبير ليصل إلى حوالي 90-120 كيلومتر أو أكثر في بعض التقديرات.

هذا التحديث منح القنابل الانزلاقية المزودة بمحرك قدرة أكبر على المناورة والتحكم في المسار، مما يحسن الدقة ويقلل من فرص اعتراضها من قبل أنظمة الدفاع الجوية. وقد استُخدمت هذه النسخ الجديدة ميدانياً في أوكرانيا، مستهدفة بنجاح مواقع في مناطق مثل بولتافا وخاركيف، مما أظهر فعاليتها في بيئة قتالية حقيقية.

تُعد الميزة الكبرى لهذه القنابل المحركية تكلفتها المنخفضة نسبياً مقارنة بصواريخ كروز المتطورة مثل Kh-101 أو Kalibr. هذا يجعلها خياراً استراتيجيًا في سيناريوهات حرب الاستنزاف، حيث يمكن لروسيا تنفيذ ضربات دقيقة بكثافة عالية دون استنزاف ترسانتها من الذخائر المتقدمة والباهظة.

في المجمل، تُمثل القنابل الانزلاقية، بنسخها المختلفة وبخاصة تلك المزودة بمحركات، نقلة نوعية في الذخائر الجوية الروسية، حيث تُعيد تشكيل موازين التكلفة والفعالية في ساحة المعركة. ومع استمرار التجارب والتحديثات، يُتوقع أن تُصبح هذه القنابل عنصراً أساسياً في الاستراتيجية الجوية الروسية، في أي مواجهة مستقبلية تتطلب ضربات دقيقة بعيدة المدى بتكلفة معقولة.



مشاركة