بدأت سفينة ليوناردو دافنشي، التابعة لشركة بريسميان الإيطالية، المرحلة الثانية من تمديد الكابلات البحرية في بحر الشمال. يأتي ذلك ضمن مشروع نيوكونيكت، الذي يُعد أحد أكبر مشاريع التبادل الطاقي العالمي الهادفة لإنشاء أول رابط مباشر وعالي الجهد بين شبكتي الكهرباء في المملكة المتحدة وألمانيا، عبر كابل بحري-بري يمتد لمسافة 725 كيلومتر.
يُقدَّر هذا المشروع بتكلفة 2.8 مليار يورو، وسيتيح تبادل الكهرباء المتجددة بين البلدين في الوقت الفعلي، مما يسهم في تعزيز أمن الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
انطلقت أعمال المشروع فعلياً في يوليو 2023، ويضم في بنيته كابلات بحرية وبرية تمتد بين فيلهلمسهافن شمال ألمانيا وجزيرة غرين في كنت البريطانية. سيتمكن هذا الاتصال من نقل 1.4 جيجاواط من الطاقة، وهو ما يكفي لتزويد حوالي 1.5 مليون منزل بالكهرباء النظيفة، سواء من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، اعتماداً على فائض الإنتاج في أي من البلدين.
في صيف 2025، بدأت المرحلة الثانية من مد الكابلات البحرية بقيادة السفينة "ليوناردو دافنشي"، وهي الأكبر والأكثر تطوراً عالمياً في هذا المجال. وصلت السفينة إلى المياه البريطانية، على بُعد حوالي 22 كيلومتر من ساحل كنت، وبدأت بمد 140 كيلومتر من كابلات التيار المستمر عالي الجهد تحت البحر. من المتوقع إنجاز هذه المرحلة خلال ثلاثة أشهر.
تتميز السفينة بطول يبلغ 171 متر وعرض 34 متر، وتجمع بين القوة والدقة، حيث تمكنها تقنياتها المتقدمة من مد كابلات عالية الجهد تحت سطح البحر ودفنها بطريقة آمنة تحمي البيئة البحرية، كما تتميز بقدرتها على تنفيذ الأعمال المعقدة بكفاءة خلال فترات قصيرة. كانت المرحلة الأولى قد اكتملت في أواخر عام 2024، بطول 56 كيلومتر، بينما ستستمر عمليات مد الكابلات في المياه الهولندية والألمانية حتى عامي 2026 و2027.
على اليابسة، تحقق تقدم ملحوظ في بناء محطتي التحويل على طرفي الاتصال. ففي ألمانيا، اكتملت أعمال الأساسات لمحطة التحويل، بينما تعمل سيمنز للطاقة على إنهاء قاعدة خرسانية ضخمة للمحطة البريطانية استعداداً لبداية الأعمال الفوقية هذا الصيف.
يُعد مشروع "نيوكونيكت" خطوة استراتيجية نحو شبكة كهرباء أوروبية أكثر مرونة واستدامة. فهو لا يربط فقط بين سوقين رئيسيين للطاقة، بل يفتح الباب أمام تكامل أوسع للطاقة المتجددة، ويعزز أمن الإمدادات ويخفض انبعاثات الكربون بشكل ملموس. من المتوقع أن يدخل المشروع حيز التشغيل بحلول عام 2028، ليشكل علامة فارقة في مستقبل الطاقة الأوروبية العابرة للحدود.