ألمانيا تبتكر بطارية ليثيوم‑كبريت هجينة بقدرة تفوق بطاريات الليثيوم‑أيون بثلاثة أضعاف

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Nov. 1, 2025

li-s

شهدت مدينة درسدن الألمانية إنجازاً علمياً بارزاً مع إعلان معهد فراونهوفر IWS عن تطوير بطارية جديدة من نوع ليثيوم‑كبريت بكثافة طاقية استثنائية تصل نظرياً إلى 600 واط ساعي لكل كيلوغرام، بينما حققت عملياً نحو 550 واط ساعي لكل كيلوغرام في أحدث التجارب. هذا الرقم يتجاوز بكثير ما هو متاح في بطاريات الليثيوم‑أيون التقليدية، التي تتراوح عادة بين 150 و250 واط ساعي لكل كيلوغرام، ما يجعل هذه التقنية مرشحة لتكون بديلاً واعداً لليثيوم‑أيون في المستقبل.

يكمن الابتكار الرئيسي في تصميم البطارية، حيث يعتمد على إلكتروليت هجين يجمع بين المواد الصلبة وبعض المكونات المرنة التي تحافظ على التوصيل الأيوني. هذا النهج يقلل من ظاهرة "الشتل" (انتقال البوليسلفات بين الأقطاب)، التي لطالما أضعفت بطاريات الليثيوم‑كبريت التقليدية، ويمنحها استقراراً أكبر وأماناً أعلى.

على مستوى المواد، استُخدم الكبريت كعنصر أساسي في الكاثود، وهو عنصر متوافر ورخيص مقارنة بالمعادن النادرة مثل الكوبالت والنيكل. أما الأنود فيعتمد على الليثيوم المعدني الذي يوفر كثافة طاقية عالية جداً. ونظراً لأن الكبريت غير موصل بطبيعته، فقد أضيفت مواد كربونية محسّنة لتعزيز التوصيل الكهربائي وضمان أداء متوازن. هذه التوليفة تجعل البطارية أخف وزناً وأكثر صداقة للبيئة، مع تقليل الاعتماد على المواد الباهظة أو النادرة.

من الناحية الصناعية، طوّر المعهد تقنية إنتاج مبتكرة تُعرف باسم DRYtraec®، وهي طريقة طلاء جاف خالية من المذيبات. هذه التقنية تقلل استهلاك الطاقة في خطوط الإنتاج بنسبة تصل إلى 30%، وتخفض الانبعاثات الكربونية، كما أنها قابلة للتطبيق على خطوط التصنيع الحالية الخاصة ببطاريات الليثيوم‑أيون. وهذا يعني أن الانتقال إلى الجيل الجديد من البطاريات لا يتطلب استثمارات ضخمة في بنية تحتية جديدة، بل يمكن أن يتم بسلاسة نسبية.

أما من حيث الكلفة، فتُعد نقطة قوة بارزة. فبينما تسعى الصناعة حالياً إلى خفض تكلفة بطاريات الليثيوم‑أيون إلى ما دون 100 دولار لكل كيلوواط ساعي، تشير التقديرات إلى أن البطارية الجديدة يمكن أن تُنتج بتكلفة تقل عن 80 دولار لكل كيلوواط ساعي. هذا التفوق في الكلفة، إلى جانب الأداء العالي، يفتح الباب أمام انتشار واسع في السيارات الكهربائية والطائرات بدون طيار والأجهزة المحمولة، بل وحتى في تطبيقات الطيران الحديث التي تتطلب وزناً خفيفاً وكفاءة قصوى.

وهكذا، تجمع هذه البطارية بين الكثافة العالية، والأمان، والاستدامة، وانخفاض التكلفة. وإذا نجحت في اجتياز الاختبارات المعملية الموسعة ووصلت إلى مرحلة الإنتاج التجاري، فقد نشهد تحولاً كبيراً يعزز تسارع الثورة الكهربائية في النقل، ولا سيما في التطبيقات الأكثر حساسية للوزن مثل الطائرات والسيارات الكهربائية متوسطة المدى.



مشاركة