في خطوة عالمية رائدة، دشّنت فرنسا في أكتوبر 2025 أول تجربة فعلية لطريق سريع مزوّد بنظام شحن لاسلكي ديناميكي للمركبات الكهربائية. تمتد التجربة على مسار مخصص بطول 1.5 كيلومتر على طريق A10 جنوب غرب باريس، وهو مسار مغلق أمام حركة المرور العامة ومخصص للاختبارات فقط. يهدف المشروع إلى اختبار قدرة التقنية على تزويد المركبات بالطاقة لاسلكياً أثناء القيادة، دون أي حاجة للتوقف أو التوصيل المادي.

تعتمد التقنية على مبدأ الحث الكهرومغناطيسي، حيث تُزرع ملفات نحاسية تحت سطح الطريق يمر فيها تيار كهربائي، مولّدةً مجالاً مغناطيسياً. وعندما تمر مركبة مجهّزة بملف استقبال فوق هذه المنطقة، يتحول المجال المغناطيسي إلى تيار كهربائي داخل المركبة، مما يسمح بشحن البطارية أثناء الحركة. النظام مزوّد أيضًا بوحدات تحكم ذكية تفعّل الشحن فقط عند مرور مركبة مؤهلة وتدير توزيع الطاقة بدقة لتقليل الفاقد وضمان الأمان.

أظهرت الاختبارات الأولية، التي أجرتها جامعة Gustave Eiffel بشكل مستقل، نتائج واعدة للغاية. سجلت التقنية قدرة على نقل طاقة فورية تزيد عن 300 كيلوواط، مع متوسط طاقة مستقر يتجاوز 200 كيلوواط.

تُعد هذه الأرقام غير مسبوقة في مجال الشحن الديناميكي، وتفتح الباب أمام استخدامات واسعة، خاصة للمركبات الثقيلة التي يصعب شحنها تقليدياً بسبب حجم بطارياتها ومدة التوقف المطلوبة. ومن شأن هذه التقنية أن تقلل الحاجة إلى بطاريات ضخمة في المركبات وتزيد من الكفاءة الإجمالية لاستخدام الطاقة.

رغم هذه النتائج المشجعة، لا يزال المشروع يواجه تحديات كبيرة. أبرز هذه العقبات هي التكلفة العالية لإنشاء البنية التحتية، والحاجة إلى توحيد المعايير التقنية بين مختلف مصنعي المركبات وشبكات الشحن، بالإضافة إلى ضرورة تحديث التشريعات المرورية وقوانين الطاقة لتواكب هذا النوع من الابتكار.

في المحصلة، تمثل تجربة طريق A10 خطوة رائدة نحو مستقبل تنقل أكثر ذكاءً واستدامة. ورغم أن النتائج الأولية مبشرة، فإن نجاح تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع يعتمد على القدرة على تجاوز العقبات التقنية والاقتصادية المذكورة وتحقيق جدوى فعلية.

يُذكر أن هذا المشروع الطموح يُنفذ بقيادة شركة VINCI Autoroutes بالشراكة مع Electreon، جامعة Gustave Eiffel، وشركة Hutchinson.