الصين تُفعّل أضخم مركز بيانات موزع عابر للمدن

بقلم:   تامر كرم           |  Dec. 13, 2025

westdataeastcomputing

افتتحت الصين رسمياً بنية تحتية تكنولوجية ضخمة تُعرف باسم منشأة اختبار شبكة المستقبل (FNTF)، والتي تربط بين مراكز بيانات متباعدة جغرافياً عبر مسافات تصل إلى 2000 كيلومتر، لتعمل كمركز بيانات واحد فائق القدرة.

تعتمد هذه الشبكة على كابلات ضوئية يتجاوز طولها الإجمالي 55,000 كيلومتر وتغطي 40 مدينة، مما يتيح للمراكز المتباعدة العمل بتناغم وكفاءة تصل إلى 98% مقارنة بكفاءة مركز بيانات واحد مدمج، وهو ما يلغي عملياً عوائق المسافة الجغرافية في معالجة البيانات الضخمة ويوفر حلاً جذرياً لتشتت موارد الحوسبة.

تستند هذه المنظومة إلى تقنية متقدمة تسمى "الشبكة الحتمية"، التي تختلف جذرياً عن شبكات الإنترنت التقليدية القائمة على مبدأ أفضل جهد المعرض للتأخير والازدحام. توفر التقنية الجديدة مسارات بيانات محددة سلفاً بجدول زمني دقيق يضمن زمناً منخفضاً للغاية للانتقال وانعداماً تاماً لفقدان الحزم، بالإضافة إلى توفير نطاق ترددي مخصص وثابت لا يتأثر بأي ازدحام في الشبكة.

وقد أُثبتت كفاءة هذه التقنية من خلال تجربة عملية ضخمة لنقل حزمة بيانات علمية بحجم 72 تيرابايت تم توليدها بواسطة تلسكوب فاست الراديوي العملاق من مقاطعة قويتشو في الجنوب الغربي إلى مدينة ووهان في الوسط عبر مسافة تتجاوز 1000 كيلومتر.

أظهرت نتائج التجربة العملية تفوقاً ساحقاً للشبكة الجديدة، حيث اكتملت عملية نقل البيانات في 1.6 ساعة فقط، في حين تشير التقديرات إلى أن نقل نفس حجم البيانات عبر شبكة الإنترنت التقليدية كان سيستغرق قرابة 699 يوماً. ولتأكيد الموثوقية، تم تفعيل قناتين متوازيتين للمقارنة تحت ظروف ازدحام مصطنعة، فحافظت قناة الشبكة الحتمية على سرعتها القصوى البالغة 50 جيجابت في الثانية بثبات تام، بينما انحدرت سرعة قناة الشبكة العادية من 42 جيجابت في الثانية إلى أقل من 1 جيجابت في الثانية بمجرد زيادة حركة المرور الرقمية، مما يبرز الفارق الهائل في الاستقرار والأداء.

يُعد هذا المشروع الركيزة التقنية لمبادرة "بيانات الشرق وحوسبة الغرب" الوطنية التي أطلقت عام 2022، والتي تهدف إلى نقل مهام معالجة البيانات من المناطق الشرقية المكتظة اقتصادياً إلى المناطق الغربية الغنية بموارد الطاقة المتجددة.

وتوفر الشبكة الجديدة الموثوقية اللازمة لجعل استهلاك طاقة الحوسبة عبر المسافات الطويلة أمراً فورياً ومستقراً يشبه استهلاك الكهرباء والمياه، مما يدعم تطبيقات حساسة للوقت مثل التدريب عن بُعد لنماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة، والعمليات الجراحية عن بُعد، والإنترنت الصناعي، مؤسسة بذلك لمرحلة جديدة من البنية التحتية الرقمية.



مشاركة