أستراليا تطوّر تقنية تجعل الألواح الشمسية تعمل في الليل والنهار

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Aug. 7, 2025

nigh-solar-panel

خلال النهار، تمتص الألواح الشمسية ضوء الشمس وتحوله إلى كهرباء، بينما تمتص الأرض حرارة الشمس وتخزنها لتُطلقها تدريجياً بعد غروب الشمس على شكل أشعة تحت حمراء غير مرئية للعين المجردة. هذا الانبعاث الحراري الليلي أثار فضول العلماء منذ سنوات، ودفعهم للتساؤل: هل يمكن تحويل هذه الأشعة إلى كهرباء؟ وهل يمكن الاستفادة عملياً من حرارة الليل كما نستفيد من ضوء النهار؟

الإجابة جاءت من فريق بحثي أسترالي في جامعة نيو ساوث ويلز، بقيادة البروفيسور نيد إكينز-داوكس، الذي نجح في اختبار جهاز يُعرف باسم الصمام الثنائي الإشعاعي الحراري. هذا الجهاز لا يلتقط الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من الأرض كما تفعل الكاميرات الحرارية، بل يُوضع مباشرة على سطح الأرض، فيكتسب حرارتها ويُصبح هو نفسه مصدراً للإشعاع. بعد أن يسخن، يبدأ بإصدار فوتونات تحت حمراء نحو السماء الباردة، مستفيداً من فرق الحرارة بين سطح الأرض الدافئ والسماء التي تُعد باردة جداً مقارنة به، خاصة في الليل.هذا الفرق الحراري يُحفّز حركة الإلكترونات داخل الجهاز، مما يُنتج تياراً كهربائياً حتى بغياب الضوء.

يستخدم الجهاز مواد حساسة للحرارة مثل تيلورايد الزئبق والكادميوم، وهي من أكثر المواد حساسية للأشعة تحت الحمراء، وتُستخدم عادةً في نظارات الرؤية الليلية. وقد تمكن الفريق من اختباره عملياً و قياس الطاقة الكهربائية الناتجة عن هذا الانبعاث الحراري لأول مرة، ووجدوا أن الجهاز يُنتج حوالي 2.26 ميليواط لكل متر مربع عند فرق حرارة يبلغ نحو 12.5 درجة مئوية. ورغم أن هذه الكمية تُعد ضئيلة جداً مقارنة بالألواح الشمسية التقليدية التي تُنتج ما يقارب 200 واط لكل متر مربع في ضوء الشمس المباشر، فإن هذا الإنجاز يُمثل خطوة أولى نحو تطوير أنظمة طاقة تعمل على مدار الساعة، خاصة في الأماكن التي يصعب فيها الاعتماد على ضوء الشمس وحده.

ما يميز هذا الابتكار عن الأجهزة التي تولد الطاقة من حرارة الجسم، مثل تلك المستخدمة في الساعات الذكية أو الأجهزة الطبية، هو أن الصمام الثنائي الإشعاعي الحراري لا يعتمد على مصدر حرارة محلي صغير، بل يستغل التدفق الحراري الطبيعي من الأرض إلى الفضاء. إنه نظام مفتوح يعتمد على الديناميكا الحرارية الكونية، وليس فقط على حرارة البيئة المحيطة.

وقد رُشّح فريق الطاقة الشمسية الليلية لجائزة يوريكا لعام 2025، تقديراً لاستخدامهم المبتكر للتكنولوجيا. وبينما لا تزال هذه التقنية في مراحلها الأولى، فإنها تفتح الباب أمام مستقبل جديد للطاقة النظيفة — مستقبل لا يتوقف عند غروب الشمس، بل يستمر في الليل، مستفيداً من حرارة الأرض نفسها.

نشر البحث في مجلة ACS Photonics.



مشاركة