الغواصة الفرنسية النووية "دي غراس" تشغّل مفاعلها النووي

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Dec. 18, 2025

frsubmarine

أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية عن نجاح تشغيل المفاعل النووي للغواصة الهجومية الجديدة "دي غراس" (De Grasse) للمرة الأولى، حيث تم تفعيل التفاعل المتسلسل النووي داخل غرفة المفاعل بشكل مُتحكم به؛ مما يمهد الطريق لبدء التجارب البحرية المعروفة بـ "تجارب ألفا" للتأكد من جاهزية أنظمة الدفع والملاحة قبل دخولها الخدمة الرسمية.

وتُعد "دي غراس" رابع غواصة يتم إنتاجها ضمن فئة "سوفرين" (Suffren) المتطورة، وهي جزء من برنامج "باراكودا" الاستراتيجي الهادف لاستبدال أسطول غواصات "روبيس" الذي خدم البحرية الفرنسية منذ ثمانينيات القرن الماضي.

تعمل الغواصة بمفاعل نووي متطور يعمل بالماء المضغوط، أشرفت عليه هيئة الطاقة الذرية الفرنسية ونفذته شركة TechnicAtome. وتتلخص آلية عمل هذا المفاعل في استخدام الانشطار النووي لتوليد حرارة هائلة داخل دائرة مغلقة من الماء المضغوط الذي لا يغلي، ثم تُنقل هذه الحرارة إلى دائرة ثانوية لتحويل الماء فيها إلى بخار عالي الضغط. يقوم هذا البخار بتدوير التوربينات الضخمة التي تولد طاقة ميكانيكية تدير مروحة الدفع وتنتج الكهرباء اللازمة لتشغيل كافة أنظمة الغواصة، مما يمنح الغواصة قدرة على البقاء تحت الماء لفترات غير محدودة نظرياً، لا يقيدها سوى مخزون الطعام للطاقم، مع قدرة توليد تصل إلى 150 ميغاواط حرارياً تضمن سرعة ومرونة عالية في المناورات.

تنتمي "دي غراس" إلى فئة الغواصات الهجومية النووية (SSN)، و يبلغ طولها 99 متراً وقطرها حوالي 9 أمتار، وتزن عند الغوص تحت الماء ما يقارب 5,100 طن (و4,700 طن على السطح). وتتميز هذه الفئة بتقنيات تخفي (شبحية) متقدمة تجعل بصمتها الصوتية أقل بكثير من سابقاتها، مما يصعّب اكتشافها من قبل الأعداء.

يدير الغواصة طاقم مكون من 63 بحاراً، مع مساحة إضافية مخصصة لاستيعاب 15 عنصراً من القوات الخاصة (الكوماندوز)؛ حيث جُهزت الغواصة بمعدات خاصة لدعم العمليات السرية، بما في ذلك حجرة "السطح الجاف" القابلة للإزالة التي تتيح إطلاق الغواصين والمركبات تحت المائية الصغيرة أثناء الغوص.

زُودت "دي غراس" بترسانة فتاكة تضم طوربيدات (F21) الثقيلة الموجهة بالألياف البصرية، وصواريخ "إكزوسيت" (SM39) المضادة للسفن التي تُطلق من تحت الماء. والأهم من ذلك، امتلاكها القدرة على توجيه ضربات دقيقة في العمق البري باستخدام صواريخ "كروز" البحرية (MdCN)، وهي ميزة استراتيجية لم تكن متوفرة في الغواصات الفرنسية القديمة؛ مما يتيح لفرنسا ضرب أهداف استراتيجية بعيدة المدى بدقة عالية.

تمتلك فرنسا حالياً قوة بحرية نووية هجينة تتكون من نوعين: غواصات الردع النووي الاستراتيجي الحاملة للصواريخ الباليستية (SSBN) من فئة "لو تريومفان" وعددها 4 غواصات (تضمن وجود واحدة على الأقل في البحر دائماً للردع النووي)، وغواصات الهجوم النووي (SSN) التي تشمل حالياً الغواصات الثلاث الأولى من فئة "سوفرين" التي دخلت الخدمة (وهي "سوفرين"، و"دوغواي تروين"، و"تورفيل")، بالإضافة إلى ما تبقى من فئة "روبيس" القديمة التي يتم إخراجها تدريجياً من الخدمة.

وبانضمام "دي غراس" قريباً، ولاحقاً الغواصتين المتبقيتين "روبيس" (الجديدة) و"كازابيانكا" بحلول عام 2030، سيكتمل عقد برنامج "باراكودا" ليصبح لدى فرنسا 6 غواصات هجومية حديثة تشكل العمود الفقري لقوتها البحرية.



مشاركة