الصين تطور بطارية ليثيوم معدنية سائلة أقوى بمرتين من بطاريات تسلا وتضاهي البطاريات الصلبة

بقلم:   جاد طرابيشي           |  Aug. 19, 2025

li-metal600wkg

تُعد كثافة الطاقة في البطارية الكهربائية العامل الحاسم الذي يحدد مدى كفاءة البطارية. فكلما زادت هذه الكثافة، أصبحت البطارية أخف وزناً وأكثر قدرة على تخزين الطاقة، مما يعني سيارات كهربائية تقطع مسافات أطول وطائرات كهربائية تحلق لفترات أطول دون الحاجة إلى إعادة الشحن.

وفي هذا السياق، حققت الصين قفزة نوعية عبر تطوير بطارية ليثيوم معدنية سائلة بكثافة طاقة تتجاوز 600 واط/كجم، أي ضعف بطاريات تسلا 4680 التي تصل إلى نحو 270 واط/كجم، وأربعة أضعاف بطاريات BYD Blade التي لا تتجاوز 150 واط/كجم. بل إنها تضاهي بطارية Condensed Battery شبه الصلبة من شركة CATL التي تبلغ كثافتها 500 واط/كجم.

كان التحدي الأكبر في تطوير بطاريات الليثيوم المعدنية هو تصميم الإلكتروليت، وهو السائل الذي يقع بين القطبين ويسمح لأيونات الليثيوم بالتحرك. تقليدياً، تعتمد هذه الإلكتروليتات على بنية منتظمة، حيث تكون أيونات الليثيوم محاطة بترتيب ثابت من جزيئات الإلكتروليت، ويتحرك كل أيون داخل ترتيب صارم من جزيئات المذيب. لكن الباحثين في جامعة تيانجين قرروا كسر هذا النمط.

باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، صمموا إلكتروليتاً جديداً بتركيبة غير موضعية، أي أن جزيئاته غير مرتبة بشكل منتظم، بل تشكل بيئة دقيقة وفوضوية تسمح لأيونات الليثيوم بالتحرك بحرية وسرعة أكبر، مما يجعل العملية أكثر كفاءة. هذا التغيير أدى إلى تقليل الحواجز الديناميكية وزيادة الاستقرار الداخلي للبطارية.

بفضل هذا التصميم المبتكر، حققت البطارية الجديدة أداءً استثنائياً ومزايا هائلة. فقد وصلت كثافة الطاقة إلى أكثر من 600 واط/كجم. كما أضاف الباحثون مادة الفلور إلى الإلكتروليت، مما جعله مقاوماً للاشتعال حتى عند التعرض للهب المكشوف، ويمكنه تحمل اختبارات اختراق المسامير التي غالباً ما تُسبب كوارث في بطاريات الليثيوم التقليدية. وتتميز البطارية أيضاً باستقرار حراري عالٍ، حيث يمكنها العمل بكفاءة في درجات حرارة منخفضة جداً تصل إلى -60 درجة مئوية دون أن تتجمد.

ولإثبات قدراتها، قام الفريق باختبار نموذج تجريبي من البطارية على ثلاثة أنواع من الطائرات المسيّرة. وكانت النتائج مذهلة، حيث زادت مدة الطيران بمقدار 2.8 مرة في أحد الاختبارات. النموذج الأولي المعروف باسم Pack480 كان يحتوي على طاقة إجمالية تبلغ 3,904 واط/ساعة، وحافظ على أدائه لمدة 25 دورة كاملة دون تدهور ملحوظ.

ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات يجب التغلب عليها. فعلى الرغم من أن البطارية أظهرت استقراراً ممتازاً لمدة 90 إلى 100 دورة شحن، إلا أن هذا العدد لا يزال صغيراً مقارنة بالبطاريات الصناعية المستخدمة اليوم في السيارات الكهربائية، والتي تتطلب آلاف الدورات.

هذا التطور لا يزال في مرحلة الإنتاج التجريبي، لكن إذا تمكن العلماء من توسيع نطاقه وزيادة عدد دوراته، فإنه سيُمثل قفزة نوعية حقيقية في تكنولوجيا البطاريات، مما قد يُنهي "قلق المدى" لدى مستخدمي السيارات الكهربائية ويفتح آفاقاً جديدة في الطيران والنقل.

نشر البحث في محلة نيتشر.



مشاركة