أعلنت الأكاديمية الصينية لعلوم الهندسة الحرارية عن تطوير محرك جديد يُعرف باسم المحرك ذو الدورة التكيفية (Adaptive Cycle Engine – ACE)، قادر على العمل بكفاءة عالية منذ مرحلة الإقلاع وحتى سرعات تصل إلى ماخ 4 (أي أربعة أضعاف سرعة الصوت). هذا الإنجاز يُعتبر خطوة استراتيجية في سباق تطوير تقنيات الدفع الجوي المتقدمة، ويضع الصين في موقع منافس مباشر للولايات المتحدة التي تعمل على محركات مشابهة مثل GE XA100 وPratt & Whitney XA101.
يمتاز المحرك الصيني بزيادة في القوة الدفعية تتراوح بين 27% إلى 47% مقارنة بالمحركات المماثلة، وهو ما يمنح الطائرات قدرة أكبر على المناورة والتسارع في مختلف الظروف. إضافة إلى ذلك، يقلل المحرك من استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى الثلث، الأمر الذي يترجم إلى مدى أطول للطائرات وتقليل الحاجة للتزود بالوقود أثناء المهام الطويلة، وهو عامل حاسم في العمليات العسكرية والرحلات الجوية البعيدة.
يعتمد تصميم المحرك على نظام ثلاثي التدفق، حيث يوفر مسار هواء إضافي بارد يساعد على تحسين إدارة الحرارة داخل المحرك وخفض درجة حرارة العادم. هذه الميزة تقلل من البصمة الحرارية للطائرة وتجعلها أقل عرضة للرصد بواسطة أنظمة الاستشعار الحراري، كما تسهم في تقليل مقاومة الهواء حول هيكل الطائرة، ما يعزز الكفاءة الهوائية بشكل عام.
يتميز المحرك أيضاً بقدرته على التكيف مع ظروف السرعة المختلفة، إذ يعمل عند السرعات المنخفضة كتوربوجيت تقليدي، بينما يمكنه عند السرعات العالية حرق الوقود في مجرى الهواء الجانبي لتعزيز الدفع، وهو ما يجعله أقرب إلى عمل الرامجت. هذا الدمج بين خصائص التوربوجيت والرامجت يمنحه مرونة تشغيلية واسعة ويجعله محركاً هجينا قادراً على تغطية نطاق كبير من السرعات.
وعند المقارنة مع المحركات الأمريكية مثل GE XA100 وPratt & Whitney XA101، يظهر أن المحرك الصيني يتفوق نظرياً في عدة جوانب. فهو قادر على بلوغ سرعة ماخ 4 مقابل نحو ماخ 2.5 للمحركات الأمريكية، ويحقق زيادة في الدفع تصل إلى 47% مقابل تحسينات أقل نسبياً في نظائره الأمريكية، كما يقلل استهلاك الوقود بنسبة أكبر. غير أن المحركات الأمريكية تتميز بأنها قطعت شوطاً أكبر في الاختبارات الميدانية وقريبة من دمجها في الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس والسادس، بينما لا يزال المحرك الصيني في مرحلة الاختبارات الأرضية والمحاكاة المتقدمة.
في النهاية، يمثل المحرك ACE نقلة نوعية في تقنيات الدفع الجوي بفضل تصميمه المبتكر وقدرته على الدمج بين أنظمة الدفع المختلفة. المزايا المعلنة من حيث زيادة الدفع وتقليل استهلاك الوقود تجعله نظرياً متفوقاً على نظائره الأمريكية، لكن التحدي الأكبر يبقى في إثبات قدرته عبر التجارب العملية على الطائرات، وهو ما سيحدد إن كان هذا الإنجاز سيغير فعلاً قواعد اللعبة في سباق المحركات الجوية.