شهدت السواحل التركية عند مدينة سينوب حدثاً يوصف بأنه سابقة في تاريخ الطيران العسكري العالمي. فقد نجحت الطائرة المقاتلة غير المأهولة بيرقدار قيزيل إلما في إسقاط هدف جوي نفاث باستخدام صاروخ جو–جو بعيد المدى، لتصبح بذلك أول طائرة بدون طيار في العالم تحقق إصابة مؤكدة ضد طائرة نفاثة عبر صاروخ من فئة BVR – Beyond Visual Range. هذا الإنجاز وضع تركيا في موقع ريادي في مجال القتال الجوي غير المأهول، إذ أن معظم الطائرات المسيرة حتى الآن اقتصرت على مهام الاستطلاع أو الهجوم على أهداف أرضية.
الاختبار جرى في ميدان الرماية البحري قبالة ساحل البحر الأسود، حيث أطلقت قيزيل إلما صاروخاً من طراز غوك دوغان المطور محلياً من قبل مؤسسة الأبحاث الدفاعية التركية TÜBİTAK SAGE. الهدف كان طائرة نفاثة مخصصة للتجارب، تعمل بمحرك توربيني نفاث عالي السرعة، صُممت لمحاكاة خصائص الطائرات القتالية. الطائرة المسيرة اعتمدت على رادار ASELSAN MURAD AESA للكشف عن الهدف وتتبعه قبل إطلاق الصاروخ، وهو رادار حديث متعدد المهام يمنحها قدرة على الاشتباك الجوي شبيهة بالمقاتلات المأهولة.
من حيث المواصفات، يبلغ طول قيزيل إلما نحو 8.5 متر، وباع جناحيها حوالي 11.5 متر، وتزن عند الإقلاع قرابة 6 أطنان. يمكنها التحليق بسرعة تقارب 0.9 ماخ، أي قريبة من سرعة الصوت، مع قدرة على حمل حمولة قتالية تصل إلى 1.5 طن من الصواريخ والقنابل الموجهة. تصميمها يعتمد على مقطع راداري منخفض لتقليل إمكانية رصدها، كما أنها مجهزة للعمل من على متن السفينة الهجومية البرمائية التركية TCG Anadolu، ما يمنحها مرونة تشغيلية بحرية وجوية في آن واحد.
فرادتها عالمياً تكمن في أنها أول منصة غير مأهولة تثبت عملياً القدرة على تنفيذ قتال جو–جو باستخدام صاروخ بعيد المدى ضد هدف نفاث، بينما لم تختبر طائرات مسيرة أخرى مثل MQ-9 Reaper الأمريكية أو XQ-58 Valkyrie أو النماذج الصينية مثل هذه النتيجة حتى الآن.
بهذا الإنجاز، ترسخ قيزيل إلما مكانتها كأحد أبرز مشاريع الصناعات الدفاعية التركية، وتثبت أن الطائرات غير المأهولة قادرة على خوض معارك جوية متقدمة وهو ما قد يغير مفهوم الاشتباكات الجوية.