في خطوة تُعد تحولاً جوهرياً في مجال اكتشاف الأدوية، أعلنت شركة "إيزومورفيك لابس"، المنبثقة عن "ديب مايند" المملوكة لجوجل، عن تصميم أدوية جديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي، واستعدادها لإطلاق أولى التجارب السريرية على البشر.
تعتمد هذه الأدوية على جزيئات كيميائية صغيرة صُممت خصيصاً لاستهداف بروتينات معينة في الجسم والتفاعل معها، بهدف علاج أمراض معقدة مثل السرطان.
تُعرف عملية تصميم هذا النوع من الأدوية بتعقيدها وكلفتها العالية، وغالباً ما تستغرق سنوات طويلة من البحث والتجريب. وهنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي، وتحديداً نظام AlphaFold الشهير الذي طورته ديب مايند، والذي أحدث ثورة في علم الأحياء البنيوي. يتميز AlphaFold بقدرته الفائقة على التنبؤ بالهياكل ثلاثية الأبعاد للبروتينات بدقة غير مسبوقة، وهي خطوة أساسية لفهم كيفية عمل البروتينات وتفاعلها مع الجزيئات الأخرى، بما في ذلك الأدوية.
ومع تطور هذا النظام، أصبح بإمكانه أيضاً نمذجة تفاعلات البروتينات مع الحمض النووي والجزيئات الدوائية، مما جعله أداة قوية في تسريع وتوجيه عملية اكتشاف الأدوية. وبالاعتماد على هذه القدرات، تعمل "إيزومورفيك لابس" على تصميم أدوية أكثر دقة وفعالية، حيث يتيح الذكاء الاصطناعي للعلماء فهماً أعمق لكيفية تفاعل الأدوية مع البروتينات المستهدفة، وهو ما لم يكن ممكناً بالوسائل التقليدية.
بعد سنوات من العمل منذ تأسيس الشركة في عام 2021، وصلت اليوم "إيزومورفيك لابس" وفقاً لرئيسها التنفيذي إلى مرحلة حاسمة تتمثل في بدء التجارب السريرية على البشر، وهي خطوة ضرورية لتقييم سلامة وفعالية الأدوية قبل اعتمادها للاستخدام العام. هذا التطور يعكس ثقة متزايدة في قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث نقلة نوعية في مجال الطب.
لطالما كانت عملية اكتشاف الأدوية تقليدياً بطيئة ومكلفة، تتطلب استثمارات ضخمة وتمتد لسنوات طويلة. أما اليوم، وبفضل تقنيات AlphaFold ومنهجيات "إيزومورفيك لابس"، أصبح بالإمكان تقليص هذه المدة إلى أشهر فقط، مع خفض التكاليف وزيادة فرص النجاح في تطوير علاجات فعالة لأمراض معقدة ومستعصية مثل السرطان والأمراض الوراثية.
هذه الخطوة تمهّد لتحول جذري في كيفية تطوير العلاجات المستقبلية، وتفتح آفاقاً جديدة لعلاج أمراض طالما شكلت تحدياً كبيراً للعلماء والمجتمع الطبي على حد سواء.