قبل أن تبدأ الاستثمار في عملة رقمية معينة، تحتاج إلى فهم تلك العملة لتتمكن من أن تقرر إن كان من المناسب الاستثمار فيها. ومن هنا نشأ مصطلح الـ Tokenomics أو اقتصاديات الرموز.

يتكون المصطلح Tokenomics من الجمع بين كلمة توكن أو رمز Token والاقتصاد Economics فهو يصف اقتصاديات العملة الرقمية ويشير إلى دراسة جميع العوامل التي تؤثر في تحديد قيمة العملة الرقمية. وعادةً ما يتم تفصيل اقتصاديات العملة الرقمية بشكل واضح في المستند التقني للمشروع أو مايسمى الورقة البيضاء.

لماذا تعتبر اقتصاديات الرموز مهمة؟

خلقت تقنية البلوكتشين فرضاً لنمو مشاريع كثيرة, ولكن العملات الرقمية غير منظمة ويتم تداولها دون الخضوع لشروط البورصة العادية. فكل مشروع له طريقته في استخدام عملة رقمية خاصة به لذلك فاقتصاديات الرموز مهمة لفهم قيمة الرمز بغض النظر عن القيمة التي يتم تداوله فيها على منصات التداول والتي تخضع لتلاعبات كبيرة.

ومن المهم الإشارة أنه لابد من فهم مشروع العملة الرقمية والاقتناع به قبل دراسة اقتصاديات العملة فهي مكملة لدراسة المشروع.

كيف نحدد قيمة رمز أو عملة رقمية؟

لتحديد قيمة عملة رقمية، يجب مراعاة عدة معايير أهمها:

1.تخصيص وتوزيع الرموز (التوكن)

تأكد من فهمك لكيفية توزيع العملة الرقمية. فهناك نوعين: إما أن يتم إصدارها من خلال إطلاق عادل أو يتم تعدينها مسبقًا.

الإطلاق العادل: هو عندما يتم استخراج العملة الرقمية وكسبها وامتلاكها وتنظيمها من قبل المجتمع بأكمله. لا يوجد وصول مبكر أو توزيعات خاصة للتوكن وهذا حال الـ Bitcoin و الـ Dogecoin و أمثلة قليلة أخرى على ذلك.

أما التعدين المسبق: عندما يتم إنشاء العديد من العملات الرقمية وتوزيعها على مجموعة مختارة من العناوين (عادةً مطورو المشروع والمستثمرون الأوائل وأعضاء الفريق الآخرون) قبل الإعلان عنها.

في هذه الأيام ، تأتي معظم المشاريع بعملات معدنة مسبقاً يملكها عدد قليل. فلا يجب أن ترفض مشروعًا لمجرد أنه تم إصدار بعض العملات قبل الإعلان عنه. ومع ذلك، يجب عليك التحقق لمعرفة ما إذا كانت هناك أي محفظة تخزن نسبة كبيرة من العملة الرقمية المتداولة. فإن وجدت هذه الحالة كن حذراً في استثمارك فهناك احتمال كبير أن يتخلص الحوت من ممتلكاته ويتسبب في انخفاض سعر العملة في لحظة.

2.توريد الرمز (التوكن)

يعد توريد العملة الرقمية مكوناً أساسياً يجب مراقبته, وهناك ثلاثة أنواع من التوريد يجب أن نبقي أعيننا عليها: إجمالي العرض total supply والعرض المتداول circulating supply والحد الأقصى للعرض max supply.

يشير إجمالي المعروض من إلى عدد الرموز الموجودة حاليًا، باستثناء الرموز التي تم حرقها. و العرض المتداول يشير إلى عدد الرموز التي تم إصدارها حتى الآن والتي يتم تداولها حاليًا. الحد الأقصى هو الحد الأقصى لعدد الرموز التي سيتم إنشاؤها. لا يوجد حد أقصى محدد لبعض التوكنات.

في المشاريع التي تنجح غالباً مايزيد مطوري المشروع المعرض المتداول من العملات بانتظام بمرور الوقت. أما المشاريع التي تنهار قيمة عملاتها فيلاحظ أن المطورون أو المالكون الكبار قد أصدرو عدد كبير من العملات للتداول في فترة زمنية قصيرة.

3.نموذج التوكن

يجب أن نفهم ما إذا كان نموذج التوكن تضخمياً أو انكماشياً. فالتضخمي سيتم إنتاجه بازدياد بشكل مستمر بمرور الوقت وليس له حد أقصى يتوقف عنده. أما نموذج التوكن الانكماشي هو عكس ذلك إذ يوجد حد أقصى يتوقف عنده الإمداد. مثلاً يبلغ الحد الأقصى من عملات البيتكوين 21 مليون. ومعظم العملات التي تعتمد على إثبات الحصة في تعدينها مثل الايثيريوم ETH تكون تضخمية وذلك من أجل مكافأة معدني الشبكة.

4.القيمة السوقية للتوكن

القيمة السوقية (أو الماركت كاب) للعملة يتم حسابها بضرب سعر السوق الحالي للعملة بإجمالي عدد الرموز المتداولة. وهو يعبر عن حجم سوق العملة وكلما ارتفعت القيمة السوقية للعملة وانخفض عرضها المتداول، زادت قيمتها في المستقبل.

5.الاستعداد للمستقبل

علينا فهم كيف تتحضر العملة للمستقبل, فقد يتطلب نمو الشبكة ونضجها تغييرات في الطريقة التي يُدار بها التوكن. فالقليل من العملات قد ينتهي بهم الأمر لتكون مدارة من قبل المجتمع وليس من قبل مطوري المشروع كما حدث في البيتكوين. ورغم أن معظم المشاريع تدعي اللامركزية الإدارية إلا أن المطورين يستمرون في السيطرة على البلوكتشين وإحداث تغييرات ادارية فيها كيفما أرادوا وهذا مايحدث اليوم في الايثيريوم.

في المرة القادمة التي تستمع لنصيحة يوتيوبر عن عملة ما, عليك التأكد من أنه يفهم المشروع أولاً و يفهم كيف يتم توزيع العملة ونموذجها انكماشي أم تضخمي ومن يملكها اليوم و عدد الحيتان الذين يمكن أن يسببوا انهيارها وكيف تستعد للمستقبل.